ولا يدعونّك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى طلب «١» انفساخه بغير الحقّ، فإنّ صبرك في ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته، وأن يحيط بك فيه من الله طلبة لا تستقيل فيها دنياك ولا آخرتك.
إياك والدماء وسفكها بغير حقّها، فإنه ليس شيء أدعى لنقمة، ولا أعظم تبعة ولا أحرى لزوال نعمة وانقطاع مدّة من سفك الدماء بغير حقّها، والله سبحانه مبتدىء بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء بغير حقها «٢» يوم القيامة، فلا تقوينّ سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله، ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد، لأنّ فيه قود البدن، فإن ابتليت بخطأ وأفرط عليك سوطك أو يدك بعقوبة، فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة، فلا تطمحنّ بك نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أولياء المقتول حقّهم.
وإياك والإعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك منها، وحبّ الإطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسن.
وإياك والمنّ على رعيتك بإحسانك، أو التزيّد فيما كان من فعلك، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلف، فإن المنّ يبطل الإحسان، والتزيد يذهب بنور الحقّ، والخلف يوجب المقت عند الله والناس؛ قال الله تعالى: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ
(الصف: ٣) .
إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها، أو التثبّط «٣» فيها عند إمكانها، واللجاجة فيها إذا تنكرت، أو الوهن عنها إذا استوضحت، فضع كلّ أمر موضعه، وأوقع كلّ عمل موقعه.