وإياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة، والتغابي عما تعنى به مما قد وضح لعيون الناظرين، فإنه مأخوذ منك لغيرك، وعما قليل تنكشف عنك أغطية الأمور، وينتصف منك للمظلوم.
املك حميّة أنفك، وسورة حدّك، وسطوة يدك، وغرب لسانك، واحترس من كلّ ذلك بكفّ البادرة وتأخير السّطوة، حتى يسكن غضبك فتملك الاختيار، ولن تحكم ذلك من نفسك حتّى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربك.
والواجب عليك أن تتذكّر ما مضى لمن تقدّمك من حكومة عادلة، أو سنّة فاضلة، أو أثر عن النبي عليه السلام أو فريضة في كتاب الله، فتقتدي بما شاهدت مما عملنا به فيها، وتجتهد لنفسك في اتّباع ما عهدت إليك في عهدي هذا، واستوثقت به من الحجّة لنفسي عليك، لكيلا يكون لك علة عند تسرّع نفسك إلى هواها.
ومن هذا العهد، وهو آخره: وأنا أسأل الله بسعة رحمته، وعظيم قدرته على إعطاء كلّ رغبة أن يوفّقني وإياك لما فيه رضاه من الإقامة على العذر الواضح إليه وإلى خلقه، مع حسن الثناء في العباد، وجميل الأثر في البلاد، وتمام النعمة وتضعيف الكرامة، وأن يختم لي ولك بالسعادة والشهادة، إنا إليه راغبون «١» .
[٨٤٤]- قال بعض العباسيين: كلمت المأمون في امرأة خطبتها، وسألته النظر إليها فقال: يا أبا فلان [من] قصتها وحالها وفعلها، فو الله إن زال يصفها ويصف أحوالها حتى بهتّ.