للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مقبل على صاحبها بتعجيل الزيادة إن شكر، والتغيير إن كفر، وأنا لك اليوم خير لك من نفسك، لأني أدعوك إلى زيادة نعمتك وأنت تأبى ذلك، واعلم أنّ لكلّ شيء زكاة، وأنّ زكاة الجاه رفد المستعين. فقال له يحيى: على رسلك أيها الرجل، ثم دخل على المأمون واستأذن له عليه، فأجازه المأمون وأحسن إليه.

٥٤٤- قال رجل لبعض الولاة: إنّ الناس يتوسّلون إليك بغيرك، فينالون معروفك ويشكرون غيرك، وأنا أتوسّل إليك بك، ليكون شكري لك لا لغيرك.

٥٤٥- شاعر: [من الطويل]

إذا أنت لم تعطفك إلّا شفاعة ... فلا خير في ودّ يكون بشافع

«٥٤٦» - كان المنصور معجبا بمحادثة محمد بن جعفر بن عبيد الله بن عباس، وكان الناس لعظم قدره عنده يضرعون إليه في الشفاعات، فثقل ذلك على المنصور فحجبه مدّة؛ ثم لم يصبر عنه، فأمر الربيع أن يكلّمه في ذلك، فكلّمه وقال له: أعف أمير المؤمنين ممّا تثقل عليه، فقبل، فلما توجّه إلى الباب اعترضه قوم من قريش معهم رقاع سألوه إيصالها إلى المنصور، فقصّ عليهم قصّته، فأبوا أن يقبلوا وألحّوا عليه، فرقّ لهم وقال: اقذفوها في كمّي، فدخل عليه وهو في الخضراء مشرف على مدينة السلام وما حولها من البساتين والضّياع فقال له: أما ترى إلى حسنها؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين، فبارك الله لك فيما آتاك، وهنّأك بإتمام نعمته عليك فيما أعطاك، فما بنت العرب في دولة الإسلام، ولا العجم في سالف الأيام، أحصن ولا أحسن من مدينتك، ولكن سمّجتها في عيني خصلة واحدة، قال: وما هي؟ قال: ليس لي فيها ضيعة، فتبسّم وقال:

حسّنتها في عينك ثلاث ضياع قد أقطعتكها، فقال: أنت والله شريف الموارد

<<  <  ج: ص:  >  >>