لا تعلّم، لا يعوزك نائل، ولا يبخلّك سائل، ولا يبلغ مدحك قائل، أسألك صبرا جميلا، وفرجا قريبا، وبصرا بالهدى، وقوّة فيما تحبّ وترضى. فتبادروا إليه يعطونه فقال: والله لا أرزأنكم الليلة شيئا، وقد رفعت حاجتي إلى الله، ثم خرج وهو يقول:[من الكامل]
ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله ... عوضا ولو نال الغنى بسؤال
وإذا السؤال مع النوال قرنته ... رجح السؤال وخفّ كل نوال
٥٦٥- سأل أعرابيّ قوما فمنعوه فقال: اللهم أشغلنا بذكرك، وأعذنا من سخطك، وتغمّدنا بمغفرتك. قد ضنّ خلقك عن خلقك، فلا تشغلنا بما عندهم فيشغلنا عمّا عندك، وأتنا من الدنيا القنعان، فإنّ كثيرها يسخطك، ولا خير فيما يسخطك.
«٥٦٦» - قدم وفد على زياد فقام خطيبهم فقال: إنّا- أصلح الله الأمير وإن كانت نزعت بنا أنفسنا إليك، وأنضينا ركابنا نحوك، التماسا لفضل عطائك، فإنّا عالمون بأنه لا مانع لما أعطى الله، ولا معط لما منع؛ وإنما أنت أيها الأمير خازن ونحن رائدون، فإن أذن الله وأعطيت حمدنا، وإن لم يأذن لك ومنعت شكرنا، ثم جلس. فقال زياد: تالله ما رأيت خطبة أبلغ ولا أوجز ولا أنفع عاجلة منها. ثم أمر بصلتهم.
«٥٦٧» - سأل أعرابيّ قوما فقال: رحم الله امرءا لم تمجّ أذنه كلامي، وقدّم له معذرة من سوء مقامي، فإنّ البلاد مجدبة، والحال صعبة، والحياء زاجر عن كلامكم، والفقر عاذر يدعو إلى إخباركم، والدعاء إحدى الصدقتين، فرحم الله امرءا آسى بمير أو دعا بخير. فقال له رجل: ممّن أنت يا أعرابي؟ قال: اللهم