«٥٦٨» - وممّا قاله الشعراء في ترك الإلحاح قول عديّ بن الرّقاع:
[من البسيط]
حملت نفسي على أمر وقلت لها ... إنّ السؤول على الأحوال مملول
وقول زهير بن أبي سلمى:[من الطويل]
ومن لا يزل يستحمل الناس نفسه ... ولا يعفها يوما من الذلّ يسأم
وقول سليم بن خنجر الكلبي:[من الطويل]
ويسأمك الأدنى وإن كان مكثرا ... إذا لم تزل عبثا عليه ثقيلا
«٥٦٩» - وقفت أعرابيّة بزبالة على قوم فقالت: أتأذنون في الكلام فإنّ فيه فرجا من وساوس الهموم، ومخبرا بضمائر القلوب، فقال لها بعضهم يداعبها:
أمّا بما حسن به الاستمتاع في العاجلة، وخفّت به المؤونة في الآجلة، فنعم.
فقالت: اللهم غفرا! هذه شريطة لا يتعلّق بها الوفاء، فقال: فلا حاجة إذن بك إلى الكلام، وهذا درهم فخذي إليك ما حضر؛ فقالت: اللهم إنه قد كان له في كيسه متمهّد، وفي معاشه متصرّف، ولكنه اتّجر به فيّ إليك، اللهم فلا تجزه على قدر البضاعة، ولكن اجزه على قدر الصبر على المسألة؛ ثم قالت: لا جعلك الله ممّن يكره السؤال ويستعذب الردّ.
«٥٧٠» - أتى أعرابيّ باب بعض الملوك فأقام به حولا ثم كتب إليه: الأمل والعدم أقدماني عليك، وفي السطر الثاني: الإقلال لا صبر معه. وفي الثالث:
الانصراف بغير فائدة شماتة الأعداء. وفي الرابع: إما نعم سريح وإما يأس مريح.