للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتغافل عنه، وغنّاه مخارق: [من الخفيف]

يهب البيض كالظّباء وجردا ... تحت أجلالها وعيس الركاب

فضحك ثم قال: اسكتا يا ابن الزانيتين، فليس يملكه والله واحد منكما. ثم دار الدّور فغناه علويه: [من الرمل]

وإذا ما شربوها وانتشوا ... وهبوا كلّ بغال وحمر

فضحك وقال: أما هذا فنعم، وأمر لأحدهما ببغل وللآخر بحمار.

«٥٩٢» - رفع صاحب الخبر إلى المنصور رحمه الله تعالى أنّ مطيع بن إياس زنديق، وأنه يعاشر ابنه جعفرا وجماعة من أهل بيته، ويوشك أن يفسد أديانهم أو ينسبوا إلى مذهبه. فقال له المهدي: أنا به عارف، أما الزندقة فليس من أهلها، ولكنه خبيث الدين فاسق مستحلّ للمحارم. قال: فأحضره وانهه عن صحبة جعفر وسائر أهله، فأحضره المهديّ وقال له: يا خبيث يا فاسق، قد أفسدت أخي ومن يصحبه من أهلي، والله لقد بلغني أنّهم يتقارعون عليك، ولا يتمّ لهم سرور إلّا بك، وقد غررتهم وشهّرتهم في الناس، ولولا أني شهدت لك عند أمير المؤمنين بالبراءة ممّا نسبت إليه من الزّندقة، لقد كان أمر بضرب عنقك. ثم قال للربيع: اضربه مائة سوط واحبسه. قال: ولم يا سيدي؟ قال:

لأنّك سكّير خميّر قد أفسدت أهلي كلّهم بصحبتك. فقال: إن أذنت لي وسمعت، احتججت. قال: قل. قال: أنا امرؤ شاعر، وسوقي إنّما تنفق مع الملوك، وقد كسدت عندكم، وأنا في أيامكم مطّرح، وقد رضيت فيها- مع سعتها للناس جميعا- بالأكل على مائدة أخيك ولا يتبع ذلك غيره، وأصفيه مع ذلك شعري وشكري؛ فإن كان ذلك عائبا عندك تبت منه. فأطرق ثم قال:

فلقد نقل إلينا أنك تتماجن على السّؤال والمساكين وتتنادر بهم ويضحك منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>