للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس. فقال: لا والله ما ذلك من فعلي ولا شأني، ولا جرى مني قطّ إلّا مرّة، فإنّ سائلا أعمى اعترضني وقد عبرت الجسر على بغلتي، وظنّني من الجند، فرفع عصاه في وجهي ثم صاح: اللهم سخر الخليفة لأن يعطي الجند أرزاقهم، فيشتروا من التّجار الأمتعة، فيربح التجار عليهم، فتكثر فيها أموالهم، فتجب فيها الزكاة عليهم فيتصدّقوا عليّ منها؛ فنفرت بغلتي من صياحه ورفع عصاه في وجهي حتى كدت أسقط في الماء، فقلت له: يا هذا، ما رأيت أكثر فضولا منك، سل الله أن يرزقك ولا تجعل بينك وبينه هذه الحوالات والوساطات التي لا يحتاج إليها، فإنّ هذه المسائل فضول. فضحك المهديّ وقال: خلّوه ولا يضرب ولا يحبس. فقال له: أدخل عليك لموجدة وأخرج عن رضا وتبرأ ساحتي من عضيهة، وأنصرف بلا جائزة! فقال: لا يجوز هذا، أعطوه مائتي دينار ولا يعلم بها أمير المؤمنين، فتجدّد عنده ذنوبه.

«٥٩٣» - قال أشعب: بلغني مكان عبد الله بن عمر في مال له يتصدّق بثمرته. فركبت إليه بأصحابي ووافيته في ماله، فقلت: يا ابن أمير المؤمنين، ويا ابن الفاروق أوقر لي بعيري هذا تمرا، فقال: أمن المهاجرين أنت؟ قلت:

اللهم لا، قال: أفمن الأنصار؟ قلت: اللهم لا، قال: أفمن التابعين بإحسان؟

فقلت: أرجو، فقال لي: إن يحق رجاؤك أفمن أبناء السبيل أنت؟ قلت: لا، قال: فعلام أوقر لك بعيرك تمرا؟ قلت: لأني سائل، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن أتاك السائل على فرس فلا تردّه، قال: لو شئنا أن نقول لك إنّه قال: إن أتاك على فرس ولم يقل أتاك على بعير، لقلنا، ولكن أمسك عن ذلك لاستغنائي عنه لأني قلت لأبي عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: إذا أتاني سائل على فرس أعطيه؟ قال: إني سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عمّا سألتني عنه، فقال: نعم، إذا لم تصب راجلا؛ ونحن أيّها الرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>