للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترضى له، ولا تكابره بالتحويل عما يحبّ ويكره إلى ما تحبّ وتكره فإنها رياضة صعبة قد تحمل على الإباء والقلى، وقلما يقدر على ردّ رجل بالمكابرة والمناقصة وإن لم يكن جمح به عزّ سلطان فكيف إذا جمح به، ولكن تعينه على أحسن رأيه وتزيّنه وتقوّيه عليه، فإذا قويت المحاسن كانت هي التي تكف «١» المساوىء، وإذا استحكمت منها ناحية من الصواب كان ذلك الصواب هو الذي يبصره مواقع الخطايا بألطف من تبصيرك وأعدل من حكمك في نفسه، فإنّ الصواب في يده يؤيّد بعضه بعضا ويدعو بعضه إلى بعض، وإذا كنت له مكابرا لحقك الخطر ولم تبلغ ما تريد.

(٧) لا يكن طلبك ما عند السلطان بالمسألة، ولا تستبطئه وإن أبطأ، ولكن اطلب ما عنده بالاستحقاق له والاستيناء به، وإن طالت الأناة «٢» ، فإنك إذا استحققته أتاك من غير طلب، وإن لم تستبطئه كان أعجل له، ولا تخبرنّ الوالي أنّ لك عليه حقا وأنك تعتدّ عليه ببلاء «٣» ، وإن استطعت أن تنسى حقّك وبلاءك فافعل، وليكن ما تذكره به تجديدك له النصيحة والاجتهاد وألا يزال ينظر منك إلى آخر يذكّره الأول، فإن السلطان إذا انقطع عنه الآخر نسي الأول، وإن أرحامهم منقطعة وحبالهم منصرمة إلا من رضوا عنه في يومهم وساعتهم.

(٨) اعلم أن أكثر الناس عدوا وزير السلطان ذو المكانة عنده لأنه منفوس عليه مكانه كما ينفس على الملك ملكه، ومحسود كما يحسد عليه، غير أنه يجترأ عليه ولا يجترأ على الملك، لأن حسّاده أحبّاء الملك الذين


. (٧) الأدب الكبير: ٥٧.
(٨) الأدب الكبير: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>