للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلعته. فقال بنو المغيرة: فأنت تخاف عمرا على عمارة، قد خلعنا عمارة وتبرّأنا إليك من جريرته فخلّ بين الرجلين. فقال السّهميون: قد قبلنا، فابعثوا مناديا بمكة: إنّا قد خلعناهما وتبرّأ كلّ قوم من صاحبهم وممّا جرّ عليهم، ففعلوا. فقال الأسود بن عبد المطّلب: طلّ والله دم عمارة إلى آخر الدهر. ولمّا اطمأنّا بأرض الحبشة لم يلبث عمارة أن دبّ لامرأة النجاشيّ فاختلف إليها، فأدخلته، فجعل إذا رجع من مدخله يخبر عمرو بن العاص بما كان من أمره، ويقول له عمرو: ما أصدّقك أنّك قدرت على هذا الشّأن؛ إنّ المرأة أرفع من ذلك، وقد كان صدّقه عمرو وكانا في منزل واحد، وإنّما أراد التثبّت ويريد أن يأتيه بشيء لا يستطيع دفعه إن هو رفعه إلى النجاشي. فقال له في بعض ما يذكر من أمرها: إن كنت صادقا فقل لها: فلتدهنك من دهن النجاشي الذي لا يدّهن به غيره، فإني أعرفه، أو ائتني به أصدّقك. ففعل عمارة فجاء بقارورة من دهنه، فلما شمّها عمرو عرفه وقال له عند ذلك: أشهد أنك صادق، ولقد أصبت شيئا ما أصاب أحد مثله قطّ من العرب من امرأة الملك. ثم سكت عنه؛ حتى إذا اطمأنّ دخل على النجاشي فقال: أيها الملك، إنّ ابن عمّي سفيه وقد خشيت أن يعرّني أمره عندك، وقد أردت أن أعلمك شأنه فلم أفعل حتى استثبت، وأنّه قد دخل على بعض نسائك فأكثر، وهذا من دهنك قد أعطته منه، ودهنني منه. فلما شمّ النجاشيّ الدهن قال: صدقت، هذا دهني الذي لا يكون إلا عند نسائي. ثم دعا بعمارة ودعا السواحر فجرّدنه من ثيابه ثم أمر فنفخن في إحليله. وقال النجاشيّ: لو قتلت قرشيّا لقتلتك. فخرج عمارة هاربا يهيم مع الوحش، فلم يزل بأرض الحبشة حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فخرج إليه عبد الله بن أبي ربيعة- وكان اسمه بحيرا، فسمّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبد الله- فرصده على ماء بأرض الحبشة، وكان يرده مع الوحش. فلما وجد ريح الإنس هرب، حتى إذا جهده العطش ورد فشرب حتى تملا، وخرجوا في طلبه. قال عبد الله فسعيت إليه فالتزمته، فجعل يقول: يا بحيرا

<<  <  ج: ص:  >  >>