للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تواثب الكلام، فإن في ذلك مع الشّين والتكلّف والخفة أنك إذا سابقتهم إلى الجواب صار كلامك خصما فتعقّبوه بالعيب والطعن، وإذا لم تعجل بالجواب وخلّيته للقوم اعترضت كلامهم على قلبك، ثم تدبّرته وفكّرت فيما عندك ثم هيأت من تفكّرت ومحاسن ما سمعت جوابا رضيّا، ثم استدبرت به أقاويلهم حين تصيخ إليك الأسماع وتهدأ عنك الخصوم، فإن لم يبلغك الكلام واكتفي بغيرك وانقطع الحديث قبل ذلك، فلا يكوننّ من الغبن عند نفسك فوت ما فاتك من الجواب، فإن صيانة القول خير من سوء موضعه، وإن كلمة واحدة من الصواب تصيب بها فرصتها وموضعها [خير من مائة كلمة تقولها في غير فرصها ومواضعها] مع أن كلام العجلة والمبادرة موكّل به الزلل والعثار وسوء القرين «١» ، وإن ظنّ صاحبه أنه قد أتقن وأحكم.

(١٣) إذا كلّمك الوالي فأصغ لكلامه، ولا تشغل طرفك عنه بالنظر، ولا أطرافك بالعمل، ولا قلبك بحديث النفس، وتعهّد ذلك واحذره من نفسك.

(١٤) وارفق بنظرائك من وزراء السلطان ودخلائه فاتّخذهم أعوانا «٢» ولا تتخذهم أعداء، ولا تنافسهم في الكلمة يتقربون بها والعمل يؤمرون به، فإنما أنت في ذلك أحد رجلين: إما أن يكون عندك فضل على ما عند غيرك فسوف تبدي ذلك ويحتاج إليك أو يلتمس منك وأنت محمود «٣» ، وإما أن لا يكون ذلك عندك، فما أنت مصيب من حاجتك عندهم بمقاربتك وملاينتك، وما أنت واجد في موافقتك إياهم ولينك لهم


. (١٣) الأدب الكبير: ٦٣.
(١٤) الأدب الكبير: ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>