للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من موافقتهم إياك ولينهم لك أفضل مما أنت مدرك بالمنافسة والمنافرة «١» لهم.

(١٥) اعلم أنّ السلطان يقبل من الوزراء التبخيل ويعدّه منهم شفقة ونظرا، ويحمدهم عليه وإن كان جوادا، فإن كنت مبخّلا غششت صاحبك بفساد مروءته، وإن كنت مسخّيا لم تأمن إضرار ذلك بمنزلتك، فالرأي لك تصحيح النصيحة والتماس المخرج بأن لا يعرف منك ميلا إلى شيء من هواك.

(١٦) لا تكونن صحبتك للسلطان إلا بعد رياضة نفسك على طاعتهم في المكروه وموافقتهم فيما خالفك من ذلك، وتزيين الأمور على أهوائهم دون هواك، وعلى أن لا تكتمهم سرّك، ولا تستطلع ما كتموك، وتخفي ما أطلعوك عليه عن الناس كلّهم، حتى تحمي نفسك الحديث به، وعلى الاجتهاد في رضاهم والتلطّف بحاجتهم، والتثبيت لحجّتهم، والتصديق لمقالتهم، والتزيين لرأيهم، وقلة الاستقباح لما فعلوا إذا أساءوا، وكثرة الاستحسان لما فعلوا إذا أحسنوا، وكثرة النشر لمحاسنهم، وحسن الستر لمساوئهم، والمقاربة لما قاربوا وان كانوا بعداء، والمباعدة لمن باعدوا وإن كانوا قرباء، والاهتمام بأمرهم وإن لم يهتمّوا به، والتحفّظ له وإن ضيعوه، والذكر له وإن نسوه، والتخفيف عنهم لمؤونتك، والاحتمال لمؤونتهم، والرضى منهم بالعفو، وقلة الرضى من نفسك لهم بالمجهود.

(١٧) إنك لا تأمن أنف الملوك إن أعلمتهم، ولا تأمن عقوبتهم إن كتمتهم. إنك إن لزمتهم لا تأمن برمهم، وإن زايلتهم لم تأمن قلّة


. (١٥) الأدب الكبير: ٦٨ ونهاية الأرب ٦: ١١.
(١٦) الأدب الكبير: ٦٩ وشرح النهج ١٧: ٧٦.
(١٧) الأدب الكبير: ٧٠.
٢٢ ١ التذكرة

<<  <  ج: ص:  >  >>