للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفقّدهم «١» . إنك إن استأمرتهم حملت الأمور «٢» عليهم، وإن قطعت الأمر دونهم لم تأمن فيه مخالفتهم. إنك لا تأمن أمرهم إن صدقتهم، ولا تأمنهم إن كذبتهم. كن حافظا إن ولوك «٣» ، حذرا «٤» إن قرّبوك، أمينا إن ائتمنوك، وعلّمهم كأنك تتعلّم منهم، وأدّبهم كأنهم أدبوك، واشكرهم ولا تكلّفهم الشكر؛ كن بصيرا بأهوائهم مؤثرا لمنافعهم، ذليلا إن ضاموك «٥» ، راضيا إن أسخطوك، وإلا فالبعد منهم كلّ البعد، والحذر كلّ الحذر.

وهذه جملة من كلام القدماء هي أدب لأتباع الملوك على اختلاف طبقاتهم، ولا حاجة بنا إلى تخصيص كلّ طائفة بما ينبغي لها «٦» فعله وتوخّيه، ويجب عليها تركه وتنحيته، فإن الأدب والسياسة يشترك فيهما أصل الحسّ ثم يأخذ كلّ منهما بمقدار حظّه من الولاية، ولو أوردنا ذلك لخرج عن معنى هذا الكتاب، ولكان مصنّفا مخصوصا به فيحتمل حينئذ التحبيس والتفريع. وسنذكر من كلام الخلفاء وملوك الاسلام، وما أخذوه على أتباعهم، ورسموه لهم ما يكمل به المقصود إن شاء الله.

[٨٥٦] وقد قالت القدماء: إن وجدت عن صحبة السلطان غنى فأغن نفسك عنه واعتزله جهدك، فإن من يأخذ للسلطان بحقّه يحل بينه وبين لذّة الدنيا وعمل الآخرة، ومن لا يأخذ بحقه يحتمل الفضيحة في الدنيا والوزر في الآخرة.


[٨٥٦] الأدب الكبير: ٦٩- ٧٠ (والحكمة الخالدة: ٣٠٩) ونهاية الأرب ٦: ١٥٠ وشرح النهج ١٧: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>