للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: أنا الوليّ وقد عفوت؛ قال: لا أعوّد الناس هذه العادة؛ وقد رجوت أن ينجّي الله ابني هذا على يدها. فدخلن عليها فذكرن ذلك لها، فقالت: وكيف أصنع مع غضبي عليه وما أظهرت له؟ قلن: إذا والله يقتل، فلم يزلن حتى دعت بثيابها فأحضرتها، ثم خرجت نحو الباب؛ وأقبل حديج الخصيّ وقال:

يا أمير المؤمنين، هذه عاتكة قد أقبلت. قال: ويلك ما تقول؟ قال: قد والله طلعت. فأقبلت وسلّمت فلم يردّ عليها، فقالت: أما والله لولا عمر ما جئت، آلله أن تعدّى أحد ابنيه على الآخر فقتله، أردت قتل الآخر به وهو الوليّ وقد عفا؟ قال: إنّي أكره أن أعوّد الناس هذه العادة. قالت: أنشدك الله يا أمير المؤمنين، فقد عرفت مكانه من أمير المؤمنين معاوية ومن أمير المؤمنين يزيد، وهو ببابي. فلم تزل به حتّي أخذت رجله تقبّلها، فقال: هو لك، ولم يبرحا حتى اصطلحا. ثم راح عمر بن بلال إلى عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين، كيف رأيت؟ قال: رأيت أثرك، فهات حاجتك. فقال: مزرعة بعبرتها وما فيها وألف دينار وفرائض لولدي وأهل بيتي وعيالي، قال: ذلك لك. ثم اندفع عبد الملك يتمثّل بشعر كثيّر: [من الطويل]

وإنّي لأرعي قومها من جلالها ... وإن أظهروا غشّا نصحت لهم جهدي

ولو حاربوا قومي لكنت لقومها ... صديقا ولم أحمل على قومها حقدي

٦٧١- أقبل واصل بن عطاء من سفر في رفقة، فأحسّوا بالخوارج، فقال واصل لأهل الرفقة: إنّ هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا ودعوني وإيّاهم؛ وكانوا قد أشرفوا على العطب، فقالوا: شأنك. فخرج إليهم، فقالوا: ما أنت وأصحابك؟ قال: مشركون مستجيرون ليسمعوا كلام الله ويفهموا حدوده، قالوا: قد أجرناكم؛ قال: فعلّمونا. فجعلوا يعلّمونه أحكامهم، وجعل يقول:

قد قبلت أنا وأصحابي؛ قالوا: فامضوا مصاحبين فإنكم إخواننا، قال: ليس ذاك لكم؛ قال الله: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>