يقضي في العتق بما قد علمت. فقال لها: أشهد أنّك لصادقة. ثم قدّمها إلى مجلس للنّخع فيه قوم معدّلون، فقال: هذه جارية آل فلان أشهدكم أنّها حرّة، فألقت ملحفتها على رأسها. وبلغ ذلك مواليها فقدّموه إلى أبي بردة، فأنفذ عتقها أبو بردة، وألزم الرجل ثمنها. فلما أمر به إلى السجن خاف أنّها إذا طال أمرها تصير إلى أوّل من يطلبها وأن يخيب فيما صنع في أمرها، فقال: أصلح الله القاضي، لا بدّ من حبسي؟ قال: لا بدّ أو تعطيهم ثمنها؛ قال: فليس مثلي من يحبس في شيء يسير، أشهدكم أني قد أعتقت كلّ مملوك لأبي بردة، وكلّ مملوك لآل أبي موسى، وكلّ مملوك لمذحج، فخلّى سبيله ورجع عن ذلك القضاء.
«٦٨٦» - خطب سلمان الفارسيّ إلى عمر بن الخطاب ابنته، فلم يستجز ردّه، فأنعم له، وشقّ ذلك عليه وعلى ابنه عبد الله بن عمر. فشكا ذلك عبد الله إلى عمرو بن العاص، فقال له: أفتحبّ أن أصرف سلمان عنكم؟ فقال له:
هو سلمان، وحاله في المسلمين حاله! قال: أحتال له حتى يكون هو التارك لهذا الأمر والكاره له. قال: وددنا ذلك. فمرّ سلمان بعمرو في طريق فضرب بيده على منكبه وقال له: هنيئا أبا عبد الله! قال: وما ذاك؟ قال: هذا أمير المؤمنين عمر يريد أن يتواضع بك فيزوّجك. قال: وإنّما يزوّجني ليتواضع بي؟ قال:
نعم، قال: لا جرم والله لا خطبت إليه أبدا.
«٦٨٧» - كتب معاوية إلى عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة أن يقدما عليه.
فقدم عمرو من مصر، والمغيرة من الكوفة، فقال عمرو للمغيرة: ما جمعنا إلّا ليعزلنا، فإذا دخلت إليه فاشك الضّعف، واستأذنه أن تأتي الطائف أو المدينة، فإني إذا دخلت عليه سألته ذلك، فإنّه يظنّ أنّا نريد أن نفسد عليه. فدخل