فاضرب عنقه وخذ ما معه. فخرج من عنده، فمرّ برجل من نصارى العرب من غسّان فعرفه، فقال: يا عمرو، إنك قد أحسنت الدخول، فأحسن الخروج، فرجع، فقال له الملك: ما ردّك؟ قال: نظرت فيما أعطيتني فلم أجده يسع بني عمّي، فأردت أن أجيئك بعشرة منهم تعطيهم هذه العطيّة وتكسوهم بهذه الكسوة، فيكون معروفك عند عشرة خيرا من أن يكون عند واحد. قال: صدقت، فأعجل بهم إليّ. وبعث إلى البوّاب أن خلّ سبيله.
فخرج عمرو وهو يتلفّت حتّى إذا أمن قال: لا أعود إلى مثلها أبدا، فما فارقها عمرو حتى صالحه. فلما أتي بالعلج قال: أنت هو؟! قال عمرو:
نعم على ما كان من غدرك.
«٦٩٤» - كانت لأيمن بن خريم الأسديّ منزلة من معاوية، وكان معاوية قد ضعف عن النّساء، وكان يكره أن يذكر عنده أحد يوصف بالجماع. فجلس ذات يوم وفاختة زوجته قريبة منه حيث تسمع الكلام. فقال: يا أيمن، ما بقي من طعامك وشرابك وجماعك وقوّتك؟ فقال: يا أمير المؤمنين أنا والله آكل الجفنة الكبيرة الدّرمك والقدر، وأشرب الرّفد العظيم ولا أقنع بالغمر، وأركض بالمهر الأرن ما أحضر، وأجامع من أوّل الليل إلى السّحر. قال: فغمّ ذلك معاوية، وكلامه هذا بأذني فاختة فجفاه معاوية. فشكا أيمن ذاك إلى امرأته، فقالت: أذنبت ذنبا، فو الله ما معاوية بعنت ولا متجنّ قال: لا والله إلّا كذا وكذا، قالت: هذا والله الذي أغضبه عليك، قال: فأصلحي ما أفسدت، قالت: كفيتك. فأتت معاوية فوجدته جالسا للناس، فأتت فاختة فقالت: ما لك؟ قالت: جئت أستعدي على أيمن، قالت: وما له؟ قالت: ما أدري أرجل هو أم امرأة؟ وما كشف لي ثوبا منذ تزوّجني؛ قالت: فأين قوله لأمير المؤمنين؟
وحكت لها ما قال؛ قالت: ذاك والله الباطل. وأقبل معاوية فقال: من هذه عندك