حسده، فعرف ذلك عمارة وكره منافرته، وكان عاقلا رفيقا. فظلّ يقول:
أصلح الله الأمير، أنت أشرف العرب، من شرّفته شرف، ومن صغّرته صغر، وما ابن الأشعث وخلعه؟ حتى استوفد عبد الملك الحجاج وسار عمارة معه يلاطفه، وقدموا على عبد الملك، وقامت الخطباء بين يديه في أمر الفتح. فقام عمارة فقال: يا أمير المؤمنين، سل الحجاج عن طاعتي وبلائي، فقال الحجاج: يا أمير المؤمنين، لقد أخلص الطاعة وأبلى الجميل وأظهر البأس، من أيمن الناس نقيبة، وأعفّهم سريرة. فلما بلغ آخر التقريظ قال عمارة: أرضيت يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، فرضي الله عنك. قال عمارة:
فلا رضي الله عن الحجاج يا أمير المؤمنين ولا حفظه ولا عافاه؛ فهو الأخرق السّيّيء التدبير، الذي قد أفسد عليك العراق وألّب عليك الناس، وما أتيت إلا من خرقه وقلّة عقله وفسالة رأيه وجهله بالسياسة، ولك منه يا أمير المؤمنين أمثالها إن لم تعزله. فقال الحجاج: مه يا عمارة! فقال: لا مه ولا كرامة! يا أمير المؤمنين، كلّ امرأة له طالق وكلّ مملوك له حرّ إن سرت تحت راية الحجاج أبدا. فقال عبد الملك: ما عندنا أوسع لك.
«٦٩٨» - قدم معاوية المدينة ودخل المسجد، وسعد بن أبي وقاص جالس إلى ركن المنبر. فصعد المنبر فجلس في مجلس النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال له سعد: يا معاوية، أجهلت فنعلّمك أم جننت فنداويك؟
فقال: يا أبا إسحاق، إني قدمت على قومي على غير تأهّب لهم، وأنا باعث لهم بأعطياتهم إن شاء الله تعالى. فسمع الناس كلام معاوية ولم يسمعوا كلام سعد. وانصرف الناس يقولون: كلّمه سعد في العطاء فأجابه إليه.
«٦٩٩» - جاء بازيار لعبد الله بن طاهر فأعلمه أنّ بازيّا له انحطّ على عقاب