أحسن الله إليك بصنيعك، وقد فرّقت لهم الجيوش، وإني تاركه حتى يدنو مني فيكون قريبا من المدائن، ثم أبث الخيول في يوم كذا، فإذا كان ذلك اليوم فأغر على من قبلك، فإنّه استئصالهم.
فخرج القسّ بالكتاب حتى لقي قيصر، وقد كانت أرض العراق صوّرت له، وصوّر النهروان في غير حين المدّ ولم يصوّر المدّ ولا الجسر، فلما انتهى إليه انتهى المدّ وليس عليه جسر. فلما قرأ الكتاب قال: هذا الحقّ، وانصرف منهزما، وأتبعه كسرى بإياس بن قبيصة الطائي وكان يعجب به، فأدركه إياس بساتيدما، فأدركهم مرعوبين، فقتلهم قتل الكلاب، ونجا قيصر في جماعة من أصحابه.
٧٤٢- لمّا أراد هشام صرف خالد بن عبد الله القسريّ عن العراق، وكان بحضرته رسول ليوسف بن عمر ورد عليه من اليمن وهو يتقلّدها، فدعا به وقال: إنّ صاحبك لمتعدّ طوره، يسأل فوق قدره؛ وأمر بتخريق ثيابه وضربه أسواطا وقال له: الحق بصاحبك، فعل الله بك وفعل. ودعا بسالم الكاتب على ديوان الرسائل وقال له: اكتب إلى يوسف بن عمر بشيء أمره به، واعرض الكتاب عليّ. فمضى سالم ليكتب ما أمره به، وخلا هشام وكتب كتابا صغيرا إلى يوسف وفيه: سر إلى العراق فقد ولّيتك إيّاه، وإيّاك أن يعلم أحد بك، واشفني من ابن النصرانيّة وعمّاله؛ وأمسكه في يده.
وحضر سالم بالكتاب الذي كتبه فعرضه عليه، فاغتفله وجعل الكتاب الصغير في طيّه، وختمه ودفعه إلى الربيع وقال له: ادفعه إلى رسول يوسف. فلما وصل الرسول إلى يوسف قال له: ما وراءك؟ قال: الشرّ؛ أمير المؤمنين ساخط عليك، وقد أمر بتخريق ثيابي وضربي، ولم يكتب جواب كتبك، هذا كتاب صاحب الديوان. ففضّ الكتاب فقرأه، فلما انتهى إلى آخره وقف على الكتاب الصغير الذي بخطّ هشام. فاستخلف ابنه الصّلت بن يوسف على اليمن، وصار إلى العراق. وكان يخلف سالما الكاتب على ديوان الرسائل بشير بن أبي دلجة من