أهل الأردنّ، وكان فطنا، فلما وقف على ما كان من هشام قال: هذه حيلة وقد ولي يوسف العراق وكتب إلى عامل أجمة سالم، وكان وادا له ويقال له عياض:
إنّ أهلك قد بعثوا إليك بالثوب اليماني، فإذا أتاك كتابي فالبسه واحمد الله، وأعلم طارقا ذلك. فعرّف عياض ذلك لطارق بن أبي زياد، وكان عامل خالد على الكوفة وما يليها ثم ندم بشير على ما كتب به إلى عياض، فكتب [إليه] : إنّ القوم قد بدا لهم في البعثة إليك بالثوب اليماني، فعرّف أيضا عياض طارقا. فقال طارق: الخبر في الكتاب الأوّل، ولكنّ صاحبك ندم وخاف أن يظهر أمره.
وركب من ساعته إلى خالد فخبّره الخبر فقال له: ما ترى؟ قال: تركب من ساعتك إلى أمير المؤمنين، فإنّه إذا رآك استحيا منك، وزال شيء إن كان في نفسه عليك، فلم يقبل ذلك، فقال له: أفتأذن لي أن أصير إلى حضرته وأضمن له جميع مال هذه السنة؟ قال: وما مبلغ ذلك؟ قال: مائة ألف ألف، وآتيك بعهدك، قال: ومن أين هذه؟ والله ما أملك عشرة آلاف درهم فقال: أتحمّل أنا وسعيد بن راشد بأربعين ألف ألف- وكان سعيد بن راشد يتقلّد له الفرات ومن الوصيّ وأبان بن الوليد عشرين ألف ألف، وتفرّق الباقي على باقي العمّال.
فقال له: إنّي إذا للئيم، إذ أسوّغ قوما شيئا ثم أرجع عليهم به. فقال له: إنّما نقيك ونقي أنفسنا ببعض أموالنا، وتبقى النّعم علينا فيك وعليك، ونستأنف طلب الدنيا خير من أن نطالب بالأموال وقد حصلت عند تجّار الكوفة، فيتقاعسون عنا ويتربّصون بنا فنقتل وتذهب أنفسنا ونحصّل الأموال يأكلونها، فأبى وودّعه وبكى وقال: هذا آخر العهد بك.
ووافاهم يوسف، ومات طارق في العذاب وغيره من عمّال خالد. ولقي خالد ومن بقي شرّا عظيما.
٧٤٣- ثقل على أبي العبّاس السّفاح هيبة الجند لأبي مسلم. فشكا ذلك إلى خالد بن برمك، فقال له: مره بعرضهم وإسقاط من لم يكن من أهل خراسان منهم، ففعل ذلك. فجلس أبو مسلم للعرض، فأسقط في أوّل يوم بشرا