خربة فدفنها فيها، ولمحه رجل، فلما خرج بهلول ذهب الرجل وأخذ الدراهم، وعاد بهلول فلم يجدها. وقد كان رأى الرجل يوم دفنها، فعلم أنّه صاحبه. فجاء إليه فقال: اعلم يا أخي أنّ لي دراهم مدفونة في مواضع كثيرة متفرّقة، وأريد جمعها في موضع دفنت فيه هذه الأيام عشرة دراهم، فإنّه أحرز من كلّ موضع، فاحسب كم تبلغ جملتها؟ قال: هات، قال: خذ، عشرون درهما في موضع كذا، وخمسون درهما في موضع كذا، حتى طرح عليه مقدار ثلاثمائة درهم؛ ثم قام من بين يديه ومرّ. فقال الرجل في نفسه:
الصواب أن أردّ العشرة دراهم إلى الموضع الذي أخذتها منه حتى يجمع إليها هذه الجملة ثمّ آخذها، فردّها. وجاء بهلول فدخل الخربة وأخذ الدراهم وخري مكانها وغطّاه بالتّراب ومرّ. وكان الرجل مترصّدا لبهلول وقت دخوله وخروجه، فلما خرج مرّ بالعجلة فكشف عن الموضع وتلوّثت يده بالخراء ولم يجد شيئا، ففطن لحيلة بهلول عليه. ثم إنّ بهلولا عاد إليه بعد أيام فقال: احسب يا سيدي عشرين وخمسة عشر درهما وعشرة دراهم وشمّ يدك. فوثب الرجل ليضربه، وعدا بهلول.
«٧٦٨» - وجاز بهلول بسوق البزّازين فرأى قوما مجتمعين على باب دكّان ينظرون إلى نقب قد نقب على بعضهم. فاطّلع في النّقب، فقال: كأنّكم لا تعلمون ذا من عمل من؟ قالوا: لا، قال: فإني أعلم، فقال الناس: هذا مجنون يراهم في الليل ولا يتحاشونه، فأنعموا له القول لعله يخبر بذلك فسألوه أن يخبرهم فقال: إني جائع فهاتوا أربعة أرطال رقاق ورأسين. فأحضروا ذلك، فلما استوفى قال: هو ذا، أشتهي شيئا حلوا، فأحضروا له رطلين فالوذج، فأكله وقام وتأمّل النّقب ثم قال: كأنّكم ليس تعلمون ذا من عمل من؟ قالوا: