للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«٧٦٩» - ولمّا مات والد بهلول خلّف ستمائة درهم، فحجر عليها القاضي، فجاءه يوما فقال له: أيها القاضي، ادفع إليّ مائة درهم حتى أقعد في الحلقات، فإن أحسنت أن أتّجر بها دفعت إليّ الباقي. فدفع إليه ذلك، فذهب وأتلفه، وعاد إلى مجلس القاضي وقال له: إني قد أتلفت المائة فتفضّل بردّها، فقد أسأت إذ دفعت إليّ ولم يثبت عندك رشدي. قال القاضي:

صدقت، والتزم المائة من ماله.

«٧٧٠» - قيل: إنّ هشام بن عبد الملك حجّ، فلما قدم المدينة نزل رجل من الأشراف من أهل الشام وقوّادهم بجنب دار الدلّال المخنّث. وكان الشامي يسمع غناء الدلّال فيصغي إليه، ويصعد فوق السطح ليقرب من الصوت. ثم بعث إلى الدلّال: إمّا أن تزورنا وإمّا أن نزورك. فبعث إليه الدلّال: بل تزورنا، فبعث الشامي بما يصلح ومضى إليه. وكان للشامي غلمان روقة، فمضى بغلامين منهم كأنّهما درّتان مكنونتان، فغنّاه الدلّال: [من الكامل المرفل]

قد كنت آمل فيكم أملا ... والمرء ليس بمدرك أمله

حتى بدا لي منكم خلف ... فزجرت قلبي عن هوى جهله

ليس الفتى بمخلّد أبدا ... حقّا وليس بفائت أجله

فاستحسن الشامي غناءه فقال: زدني، فقال: أوما سمعت ما يكفيك؟ قال: لا والله ما يكفيني. قال: فإنّ لي حاجة، قال: وما هي؟ قال: تبيعني أحد هذين الغلامين أو كليهما؛ قال: اختر أيهما شئت، فاختار أحدهما، فقال له الشامي: هو لك، فقبله منه الدلّال، ثم غنّاه صوتا آخر، فقال له الشامي: أحسنت، ثم قال: أيها الرجل الجميل، إنّ لي حاجة، قال الدلّال: وما هي؟ قال: أريد وصيفة ولدت في حجر صالح، ونشأت في خير، جميلة الوجه مجدولة، وضيئة، جعدة في بياض، مشربة

<<  <  ج: ص:  >  >>