حمرة، حسنة القامة، سباطية، أسيلة الخدّ، عذبة اللسان، لها شكل ودلّ، تملأ العين والنّفس. فقال له الدلّال: قد أصبتها لك، فما لي عليك إن دللتك؟ قال:
غلامي هذا. قال: إذا رأيتها وقلّبتها فالغلام لي؟ قال: نعم. قال: فأتى امرأة كنّى عنها ولم يذكر اسمها، فقال لها: جعلت فداك، إنّه نزل بي رجل من قوّاد هشام له ظرف وسخاء، وجاءني زائرا فأكرمته، ورأيت معه غلامين كأنّهما الشمس الطالعة المنيرة والكواكب الزاهرة، ما وقعت عيني على مثلهما، ولا ينطلق لساني بوصفهما، فوهب لي أحدهما والآخر عنده، وإن لم يصر إليّ فنفسي خارجة. قالت:
فتريد ماذا؟ قال: طلب مني وصيفة يشتريها على صفة لا أعرفها في أحد إلا في ابنتك، فهل لك أن تريه إيّاها؟ قالت: وكيف لك بأن يدفع الغلام إليك إذا رآها؟ قال: إني قد شرطت عليه ذلك عند النظر لا عند البيع، قالت: فشأنك، ولا يعلم بذلك أحد.
فمضى الدلّال وجاء بالشامي معه. فلمّا صار إلى المرأة أدخلته، فإذا هو بحجلة وفيها امرأة على سرير مشرف ببزّة [١] جميلة. فوضع له كرسيّ وجلس. فقالت له: أمن العرب أنت؟ قال: نعم، قالت: من أيّهم؟ قال: من خزاعة، قالت: مرحبا بك وأهلا، أيّ شيء طلبت؟ فوصف لها الصفة، قالت: قد أصبتها، وأصغت إلى جارية لها فدخلت، فمكثت هنيّة ثم خرجت. فنظرت إليها، فقالت لها المرأة: يا حبيبتي، اخرجي. فخرجت وصيفة ما رأى مثلها، فقالت لها: أقبلي فأقبلت. ثم قالت لها:
أدبري، فأدبرت؛ تملأ العين والنّفس؛ فما بقي منها شيء إلا وضع يده عليه؛ فقالت: أتحبّ أن نؤزّرها لك؟ قال: نعم، قالت: يا حبيبتي اتزّري، فضمّها الإزار وظهرت محاسنها الخفيّة، فضرب يده على عجيزتها وصدرها، ثم قالت:
أتحبّ أن تجرّدها؟ قال: نعم، قالت: يا حبيبتي، أوضحي، فألقت الإزار، فإذا أحسن خلق الله كأنّها السبيكة. فقالت: يا أخا العرب، كيف رأيت؟ قال: منية المتمنّي، بكم تقولين؟ قالت: ليس يوم النظر يوم البيع، ولكن تعود غدا حتى