للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«٧٩٦» - ومن التخلّص المليح المتوصل إليه بالكناية ما روي عن عديّ بن حاتم بن عبد الله الطائيّ قال يوما في حقّ الوليد بن عقبة بن أبي معيط: ألا تعجبون لهذا أشعر بركا متولي قبل هذا المصر؟ والله ما يحسن أن يقضي بين تمرتين. فبلغ ذلك الوليد فقال على المنبر: أنشد الله رجلا سمّاني أشعر بركا إلّا قام. فقام عديّ بن حاتم فقال: أيّها الأمير، إنّ الذي يقوم فيقول: أنا سميتك أشعر بركا لجريء، فقال له: اجلس أبا طريف فقد برّأك الله منها. فجلس وهو يقول: والله ما برّأني الله منها.

والأصمعي يزعم أنّ زيادا هو الذي كان يسمّى أشعر بركا. والبرك:

الصّدر. وكان زياد أشعر الصّدر.

«٧٩٧» - أسرت طيّء غلاما من العرب، فقدم أبوه ليفديه، فاشتطّوا عليه فقال أبوه: لا والذي جعل الفرقدين يمسيان ويصبحان على جبلي طيّء، ما عندي غير ما بذلته. ثم انصرف وقال: لقد أعطيته كلاما إن كان فيه خير فهمه، كأنّه قال: الزم الفرقدين على جبلي طيّء، ففهم الابن تعريضه وطرد إبلا لهم من ليلته ونجا.

«٧٩٨» - ومن البلاغة والتنقّل في الكلام إلى حيث شاء بلطيف الكناية ما روي عن واصل بن عطاء وكان ألثغ قبيح اللثغة في الراء، وكان يخلّص كلامه منها، ولا يفطن بذاك لاقتداره وسهولة ألفاظه، وفيه يقول الشاعر:

[من البسيط]

ويجعل البر قمحا في تصرّفه ... وخالف الرأي حتى احتال للشعر

ولم يطق مطرا والقول يعجله ... فعاذ بالغيث إشفاقا من المطر

<<  <  ج: ص:  >  >>