تحرقه، ومياه لا تغرقه، حلو يسره، طيّب لا يفيد إلا نشره. إن مددت اسمه فكلمتان، وإن تركته فذو معان، لا يوافقه ذمّ، ولا تفارقه أمّ، ما رضع من لبان، ولا رصّع بنقصان، إخوانه أمجاد، وأخواته أزواج وأفراد، يركب وهو راجل، ويركب وهو غير راحل، حامله محمول، وأثره منقول. فاهتززت لاستهدائه اهتزاز واثق بأنّ نواله يسبق السؤال، وأفعاله تبلّغني الآمال. فلما عرف رغبتي فيه قرّبه ناحية، فأنجح آمالي قبل أن أخلق وجهي بذلّ السؤال.
٨٧٥- وجّه ملك الروم إلى معاوية بقارورة وقال: ابعث إليّ فيها من كلّ شيء، فبعث إلى ابن عباس فقال: إحدى بنات طبق! قال: وما ذاك؟ فقصّ عليه القصة، فقال: لتملأ له ماء. فلما ورد به على ملك الروم قال: لله أبوه ما أدهاه! وقيل لابن عباس: كيف اخترت ذلك؟ فقال: لقول الله عزّ وجلّ:
وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ
(الأنبياء: ٣٠) .
٨٧٦- وقيل لرجل من بني هاشم: ما طعم الماء؟ فقال: طعم الحياة.
«٨٧٧» - صحب أعشى همدان خالد بن عتّاب بن ورقاء الرّياحيّ، فكان يعده ويمنّيه إن ولي عملا أن يحكّمه فيه. فلما ولي خالد أصفهان سار معه، فلما وصل إلى العمل جفاه وتناساه ففارقه الأعشى وقال فيه من أبيات:[من الوافر]
أتذكرني ومرّة إذ غزونا ... وأنت على بغيلك ذي الوشوم
وتركب رأسه في كلّ وحل ... وتعثر في الطريق المستقيم
وليس عليك إلا طيلسان ... نصيبيّ وإلا سحق نيم
فبعث إليه خالد: هذا الذي ادّعيت أني وأنت غزونا معه على بغل ذي وشوم، متى كان ذلك؟ ومتى رأيت عليّ الطيلسان والنّيم اللّذين وصفتهما؟ فأرسل إليه: هذا كلام أردت وضعك بظاهره، وأما تفسيره: فإنّ مرّة مرارة ثمر ما