للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّها فقالت لها: ما قالت لك خالتك؟ قالت: وما عسى أن تقول لي؟ دعت الله عليّ، فقالت، قالت لي: أكلت دهشا وحطبت قمشا، قالت: بل دعت الله لك يا بنيّة أن يكثّر ولدك فينازعونك في المال ويقمشوك حطبا.

«٨٨٢» - ومن أخبار العرب في [هذا] المعنى أنّ شنّا كان رجلا من دهاة العرب، وكان ألزم نفسه أن لا يتزوّج إلا بامرأة تلائمه. فكان يجوب البلاد في ارتياد طلبته، فصاحبه رجل في بعض أسفاره. فلما أخذ منهما السير قال له شنّ:

أتحملني أم أحملك؟ فقال له: يا جاهل، هل يحمل الراكب الراكب؟ فأمسك وسار حتى أتيا على زرع، فقال له شنّ: أترى هذا الزّرع أكل أم لا؟ فقال: يا جاهل، ألا تراه في سنبله؟ فأمسك إلى أن استقبلتهما جنازة، فقال له شنّ: أترى صاحبها حيّا أم لا؟ فقال له صاحبه: ما رأيت أجهل منك، أتراهم حملوا إلى القبر حيّا؟ ثم إنّهما وصلا إلى قرية الرجل فصار به إلى منزله، وكانت له بنت تسمّى طبقة، فأخذ يطرفها بحديث رفيقه فقالت له: ما نطق إلا بالصواب:

أما قوله «تحملني أم أحملك؟» فإنّه أراد تحدّثني أم أحدّثك حتى نقطع الطريق؟

وأما قوله: «أترى هذا الزرع أكل أم لا؟» فإنه أراد هل استسلف ربّه ثمنه؟ وأما استفهامه عن حياة صاحب الجنازة فإنه أراد به: أخلّف عقبا يحيي ذكره أم لا.

فلما خرج إلى الرجل حدّثه بتأويل ابنته كلامه، فخطبها إليه، فزوّجه إيّاها، وسار إلى قومه بها، فلما خبروا ما فيها من الدهاء والفطنة قالوا: وافق شنّ طبقة، فصارت مثلا. هذا أحد الأقوال في تفسير هذا المثل وهو بعيد.

وقد قيل في تفسيره ما هو أسدّ من هذا، وهو مورد في باب الأمثال.

٨٨٢ أ- من كلام أبي محمد القاسم بن عليّ الحريري يصف الإبرة ويلغز عنها: كانت لي مملوكة رشيقة القدّ، أسيلة الخدّ، صبور على الكدّ، تخبّ أحيانا

<<  <  ج: ص:  >  >>