«٩٧١» - جرى في مجلس حامد بن العباس- وهو الوزير حينئذ- ذكر الخمار وما يلحق الناس منه، فقال حامد لعليّ بن عيسى وكان يخلفه: ما تقول يا أبا الحسن في دواء الخمار، وما عندك فيه؟ فقال له عليّ بن عيسى:
وما أنا وهذه المسألة؟! فخجل حامد، ثم التفت إلى قاضي القضاة أبي عمر، فقال له: ما عندك في هذا؟ فقال أبو عمر: قال الله تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا
(الحشر: ٧) ؛ وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه:«استعينوا على كلّ صناعة بأهلها» ، والأعشى هو المشهور بهذه الصناعة في الجاهلية، يقول:[من المتقارب]
وكأس شربت على لذّة ... وأخرى تداويت منها بها
ثم أبو نواس في الإسلام يقول:[من البسيط]
دع عنك لومي فإنّ اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء
فقال حامد لعليّ بن عيسى: يا بارد، ما كان ضرّك لو جئت ببعض ما أجاب به قاضي القضاة؟ فقد استظهر في المسألة أولا بقول الله تعالى، ثم بقول نبيّه صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه، ثانيا، وأدّى المعنى وتبرّأ من العهدة. فكان خجل علي بن عيسى أكبر من خجل حامد.
٩٧٢- كان أنو شروان يعجبه الورد ويفضّله على سائر الرياحين، فابتنى قبّة الكلّستان وزخرفها بالذهب ورصّعها بالجوهر، وزيّنها بالتصاوير، وحفّها بالتماثيل، وجعل في أعاليها فتوحا ينثر عليه منها الورد. ومرّ أنو شروان بوردة ساقطة فقال: أضاع الله من أضاعك، ونزل فأخذها وقبّلها وشرب في مشكاتها سبعة أيام.