للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستعمله. قال: لست أقبلها إلّا أن تكفيني عيالك وولدك وحاشيتك.

فقال: يا غلام من طلب إليه منهم حاجة فقد برئت منه الذمّة. قال الشعبي: فلا والله ما رأيت صاحب شرطة قطّ مثله، كان لا يحبس إلّا في الدّين، وكان إذا أتي برجل قاتل بحديد أو شهر سلاحا قطع يده، وإذا أتي بنبّاش قبر حفر له قبرا فدفنه فيه، فإذا أتي برجل قد احرق على قوم منازلهم أحرقه، وإذا أتي برجل يشكّ فيه وقد قيل إنه لصّ ولم يكن منه شيء ضربه ثلاثمائه سوط، فربما أقام أربعين ليلة لا يؤتى بأحد، فضمّ إليه الحجاج شرطة البصرة مع شرطة الكوفة.

[٨٨٠]- وتحدّث المأمون فضحك إسحاق بن إبراهيم المصعبي، فقال:

يا إسحاق أؤهّلك لشرطتي وتفتح فاك من الضحك؟! خذوا سواده وسيفه، ثم قال: أنت بالشرابيّ أشبه، فضعوا منديلا على عاتقه، فقال إسحاق:

أقلني يا أمير المؤمنين، قال: قد أقلتك؛ فما ضحك إسحاق بعدها.

وكتب عليّ عليه السلام كتبا إلى عماله في الحروب والصدقات وغيرها، ووصّى فأوقفهم فيها على سبيل الهداية، وبصّرهم من تيه العماية، يحصل بالوقوف عليها التأدب المغني عن التمثيل بغيرها:

[٨٨١]- فمنها ما وصّى به معقل بن قيس الرياحي حين أنفذه إلى الشام مقدمة له: اتّق الله الذي لا بدّ لك من لقائه، ولا منتهى لك دونه، ولا تقاتلنّ إلّا من قاتلك، وسر البردين، وغوّر الناس، ورفّه في السير، ولا تسر أول الليل فإنّ الله جعله سكنا، وقدره مقاما [لا ظعنا] فأرح فيه بدنك، وروّح ظهرك، فإذا وقفت حتى فجر الصبح «١» فسر على بركة الله، فإذا رأيت


[٨٨٠] نثر الدر ٣: ٤٣ ومحاضرات الراغب ١: ٢٨٣ والشهب اللامعة: ٧٩.
[٨٨١] نهج البلاغة: ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>