الله. قال: فليد تقدّمت منّي إليك، قال: لا والله ولا عرفتك قبلها. قال:
فخبّرني، قال: لأني سمعتك غنّيت آنفا فأقمت واوات معبد، أما والله لو أسأت التأدية لكنت أحد الأعوان عليك.
«٩٢» - رأى ابن أبي عتيق حلق ابن عائشة مخدّشا فقال: من فعل هذا بك؟
قال: فلان. فمضى فنزع ثيابه وجلس للرجل على بابه، فلما خرج أخذ بتلبيبه وجعل يضربه ضربا شديدا والرجل يقول: ما لك تضربني! أيّ شيء صنعت! وهو لا يجيبه حتى بلغ منه ثم خلاه، وأقبل على من حضر فقال: هذا أراد أن يكسر مزامير آل داود؛ شدّ على ابن عائشة فخنقه وخدش حلقه.
«٩٣» - قيل: خرج ابن عائشة من عند الوليد بن يزيد وقد غنّاه في شعر النابغة: [من الوافر]
أبعدك معقلا أبغي وحصنا ... قد اعيتني المعاقل والحصون
فأطربه فأمر له بثلاثين ألف درهم [وبمثل] كارة القصّار ثيابا. فبينا ابن عائشة يسير إذ نظر إليه رجل من أهل وادي القرى كان يشتهي الغناء ويشرب النّبيذ، فدنا من غلامه وقال: من هذا الراكب؟ قال: ابن عائشة المغنّي، فدنا منه فقال: جعلت فداءك، أنت ابن عائشة أمّ المؤمنين؟ قال: لا أنا مولى لقريش وعائشة أمّي، وحسبك هذا ولا عليك أن تكثر. قال: وما هذا الذي أراه بين يديك من المال والكسوة؟ قال: غنّيت أمير المؤمنين صوتا فأطربته فكفر وترك الصلاة وأمر لي بهذا المال وبهذه الكسوة. فقال: جعلت فداك! فهل تمنّ عليّ بأن تسمعني ما أسمعته إيّاه؟ فقال: ويلك! أمثلي يكلّم بهذا في الطريق! قال:
فما أصنع؟ قال: الحقني بالباب. وحرّك ابن عائشة ببغلة سفواء كانت تحته