للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتساوكن هزالا، مخّهنّ قليل، ولا نقي لهنّ. فلما رأى أبو معبد اللبن، عجب وقال: من أين هذا يا أمّ معبد، والشاة عازبة حائل، ولا حلوبة في البيت؟ فقالت: لا والله، إلا أنّه مرّ بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت. قال: صفيه لي يا أمّ معبد. قالت: رجل ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه نحلة، ولم تزر به صعلة؛ وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي [أشفاره] وطف [١] ، وفي صوته صحل [٢] ، وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة، أحور، أكحل، أزجّ، أقرن؛ إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلّم سما وعلاه البهاء؛ أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق، فصل، لا نزر ولا هذر، كأنّ منطقه خرزات نظم يتحدّرن، ربعة لا تشنوه من طول، ولا تقتحمه العين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفّون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفنّد.

قال أبو معبد: [هو والله] صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره بمكّة ما ذكر، ولو كنت وافقته لا لتمست صحبته، ولأفعلنّ إن وجدت إلى ذلك سبيلا.

«٣٥٦» - روي أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه نظر إلى أهل الشورى جلوسا، فقال: أكلّكم يطمع في الخلافة بعدي؟ فوجموا، فقال لهم ثانية، فأجابه الزبير فقال: نعم، وما الذي يبعدنا عنها، وقد وليتها فقمت بها،


[١] البيهقي: غطف.
[٢] البيهقي: صهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>