وكان قد وجد عليه في أمر بلغه عنه، وأبو العتاهية حاضر بالمجلس، فجعل المهديّ يشتم أبا عبيد الله ويتغيّظ عليه في أمر، ثم أمر فجرّ برجله وحبس، ثم أطرق المهديّ طويلا، فلما سكن أنشد أبو العتاهية:[من الوافر]
أرى الدنيا لمن هي في يديه ... عذابا كلّما كبرت لديه
تهين المكرمين لها بصغر ... وتكرم كلّ من هانت عليه
إذا استغنيت عن شيء فدعه ... وخذ ما أنت محتاج إليه
فتبسّم المهديّ، ثم قال لأبي العتاهية: أحسنت، فقام أبو العتاهية فقال: والله يا أمير المؤمنين ما رأيت أحدا أشدّ إكراما للدنيا، ولا أضنّ بها، ولا أحرص عليها من هذا الذي يجرّ برجله الساعة، ولقد دخلت على أمير المؤمنين، ودخل وهو أعزّ الناس، فما برحت حتى رأيته أذلّ الناس، ولو رضي من الدنيا بما يكفيه لاستوت أحواله ولم تتفاوت. فتبسّم المهديّ ودعا بأبي عبيد الله ورضي عنه.
وكان أبو عبيد الله يذكر ذلك لأبي العتاهية.
«٣٦٣» - لمّا قتل زياد عروة بن أديّة الخارجي، وهو عروة بن حدير أحد بني ربيعة بن حنظلة، وأديّة جدّة [له] وهو فيما يقال: أوّل [من] حكّم، عاد زياد فقال [لمولى عروة] : صف لي أموره، فقال: أطنب أم أختصر؟ قال:
اختصر، قال: ما أتيته بطعام نهارا قطّ، ولا فرشت له فراشا بليل قطّ.
٣٦٤- حدّث أبو عمرو الشيبانيّ أنّ يزيد بن معاوية شرب حتى سكر، ثم ركب فرسا وأقبل حتى علا جبلا، فانتهى إلى فصل بينه وبين جبل آخر، فأراد أن يوثب فرسه حتى يلحق الجبل الآخر، فقرعه بالسّوط، فوثب فلم يبلغ، وسقط فمات.
٣٦٥- حدّث خالد بن كلثوم وهشام بن الكلبيّ وأبو عمرو الشيبانيّ أنّ