ودخل القبر عليّ بن أبي طالب وابن عباس وأبو بكر، ودفن رسولت الله، فلما انصرف الناس قالت فاطمة لعليّ: يا أبا الحسن، [ ... ] رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال:
نعم، قالت: كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله؟ أما كان في صدوركم لرسول الله الرحمة؟ أما كان معكم الخير؟ قال: بلى يا فاطمة، ولكنّ أمر الله الذي لا مردّ له، فجعلت تندب وتبكي وهي تقول: يا أبتاه! الآن انقطع عنا جبريل، وكان جبريل يأتينا بالوحي من السماء.
«٣٦٨» - عن رقيقة بنت أبي صيفي، وكانت لدة عبد المطلب بن هاشم:
تتابعت على قريش سنون جدب، أقحلت الضرّع، وأرقّت العظم، فبينا أنا راقدة اللهمّ [أو مهوّمة] ومعي صنوي، إذا أنا بهاتف صيّت يصرخ بصوت صحل يقول: يا معشر قريش، إنّ هذا النبيّ المبعوث فيكم قد أظلّتكم أيّامه، وهذا إبّان نجومه، فحيّهلا بالحياة والخصب، ألا فانظروا منكم رجيلا وسيطا، عظاما، جساما، أبيض بضّا، أوطف الأهداب، سهل الخدّين، أشمّ العرنين، له فخر يكظم عليه، وسنة تهدى إليه، ألا فليخلص هو وولده، وليدلف إليه من كلّ بطن رجل، ألا فليشنّوا عليهم من الماء، وليمسّوا من الطيب، وليطوفوا بالبيت سبعا، ألا وفيهم الطيّب الطاهر لذاته، ألا فليستسق الرجل، وليؤمّن القوم، ألا فغثتم إذن ما شئتم وعشتم.
قالت:[فأصبحت مفؤودة] مذعورة، قد قفّ جلدي، ودله عقلي، فقصصت رؤياي، فذهب في شعاب مكة، فو الحرمة والحرم إن بقي أبطحيّ إلا قال: هذا شيبة الحمد. فتنامت إليه رجالات قريش، وانفضّ إليه من كلّ بطن رجل فشنّوا ومشوا واستلموا واطوّفوا، ثم ارتقوا أبا قبيس، وطفق القوم يدفّون حوله ما إن يدرك سعيهم مهله حتى قرّوا بذروة الجبل واستكفّوا جانبيه.
فقام عبد المطلب فاعتضد ابن ابنه محمّدا، فرفعه على عاتقه، وهو يومئذ غلام قد