أيفع أو كرب، ثم قال: اللهمّ سادّ الخلّة، وكاشف الكربة، [أنت عالم] غير معلّم، مسؤول غير مبخّل، وهذه [عبدّاؤك] وإماؤك بعذرات حرمك، يشكون إليك سنتهم التي أذهبت الخفّ والظّلف، فاسمعنّ اللهمّ وأمطرنّ علينا غيثا مغدقا مريعا. فوالكعبة ما راموا حتى انفجرت السماء بمائها، واكتظّ الوادي بثجيجه، فسمعت شيخان قريش ورجلتها: عبد الله بن جدعان، وحرب ابن أمية، وهشام بن المغيرة، يقولون: هنيئا لك أبا البطحاء.
٣٦٩- عن هند بنت الجون: نزل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم خيمة خالتها أمّ معبد، فقام من رقدته، فدعا بماء فغسل يده، ثم تمضمضص ومجّ في عوسجة إلى الخيمة، فأصبحت وهي كأعظم [ ... ] بثمر كأعظم ما يكون في لون الورس ورائحة العنبر وطعم الشّهد، ما أكل منها جائع إلا شبع، ولا ظمآن إلا روي، ولا سقيم إلا برىء، ولا أكل من ورقها بعير ولا شاة إلا درّ لبنها، فكنا نسمّيها المباركة، وينتابنا من البوادي من يستسقي بها، ويتزوّد منها، حتى أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها، وصغر ورقها، ففزعنا، فما راعنا إلا نعي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم إنّها بعد ثلاثين سنة أصبحت ذات شوك من أولها إلى آخرها، وتساقط ثمرها، وذهبت نضرتها، فما شعرنا إلا [.....] عليّ رضي الله عنه، فما أثمرت بعد ذلك؛ وكنّا ننتفع بورقها، ثم أصبحنا وإذا بها قد نبع من ساقها دم عبيط، وقد ذبل ورقها؛ فبينا نحن فزعين مهمومين إذ أتانا خبر مقتل الحسين، ويبست الشجرة على إثر ذلك وذهبت.
وهذا خبر غريب، ولم يشتهر خبر الشجرة كما شهر أمر الشاة في خبر أمّ معبد، وقد تقدّم في أول هذا الباب، وهو من أعلام السّير.
«٣٧٠» - لمّا تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلم: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى