للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد، فائذن لي فألحق بقريش فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام. فأذن له، فلحق بمكّة. وكان صفوان يسأل عن عمير، فقيل له: إنه قد أسلم، فلعنه أهل مكّة، وحلف صفوان أن لا يكلّمه أبدا ولا ينفعه، واطّرح عياله.

وقدم عمير فدعاهم إلى الله وأخبرهم بصدق رسوله، فأسلم معه بشر كثير.

«٣٧٦» - حدّث عبد الله بن عباس قال: حدّثني أبو سفيان بن حرب من فيه، قال: كنّا قوما تجارا، وكانت الحرب بيننا وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد حصرتنا حتى نهكت أموالنا، فلما كانت الهدنة- هدنة الحديبية- بيننا وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم، خرجت في نفر من قريش إلى الشام، وكان وجه متجرنا غزّة، فقدمناها حين ظهر هرقل على من كان في بلاده من الفرس، فأخرجهم منها، وردّ عليه صليبه الأعظم، وقد كانوا استلبوه إيّاه؛ فلما بلغه ذلك، وكان منزله بحمص من أهل الشام، خرج منها يمشي متنكّرا إلى بيت المقدس يصلّي فيه، تبسط له البسط وتطرح له الرياحين حتى انتهى إلى إيلياء، فصلّى بها؛ فأصبح ذات غداة وهو مهموم يقلّب طرفه إلى السماء، فقالت بطارقته: أيّها الملك، لقد أصبحت مهموما؟ فقال: أجل، فقالوا: وما ذاك؟ فقال: أريت في هذه الليلة أنّ ملك الختان ظاهر، قالوا: فو الله ما نعلم أنّ أمّة من الأمم تختتن إلا يهود، وهم تحت يديك وسلطانك، فإن كان قد وقع هذا في نفسك منهم، فابعث في مملكتك كلّها ولا يبقى يهوديّ إلا ضربت عنقه، فتستريح من هذا المهمّ؛ فإنّهم في ذلك من رأيهم يديرونه إذ [أتى] رسول صاحب بصرى برجل من العرب قد وقع إليهم، فقال: أيّها الملك، هذا رجل من العرب من أهل الشاء والإبل يحدّثك عن حدث كان ببلاده، فسله عنه. فلما انتهى إليه قال لترجمانه: سله، ما هذا الخبر الذي كان في بلاده؟ فسأله، فقال: رجل من العرب من قريش خرج يزعم أنّه نبيّ، وقد اتّبعه أقوام وخالفه آخرون، وقد كانت بينهم ملاحم

<<  <  ج: ص:  >  >>