بمكّة أشدّ توسّعا على عياله مني، فقال عمير: قد عرفت بذلك يا أبا وهب، قال صفوان: علي بعيره [ ... ] ، وأجرى على عياله ما أجرى على عيال نفسه، وأمر عمير بسيفه فشحذ وسمّ، ثم خرج إلى المدينة وقال لصفوان: أكتم عليّ أيّاما حتى أقدمها، فلم يذكرها صفوان.
وقدم عمير فنزل على باب المسجد وعقل راحلته، وأخذ السيف فتقلّده، ثم عمد نحو رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنظر عمر رضي الله عنه وهو في نفر من أصحابه يتحدّثون ويذكرون نعمة الله عليهم في بدر، ورأى عميرا وعليه السيف، فقال عمر لأصحابه: دونكم هذا عدوّ الله، ودخل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وآله وصحبه فقال: يا رسول الله، هذا عمير بن وهب قد دخل المسجد ومعه السيف! فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: أدخله عليّ. فخرج عمر فأخذ بحمالة سيفه، فقبض بيده عليها وأخذ بيده الأخرى قائم السّيف، ثم أدخله على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: يا عمر، تأخّر عنه، فلما دنا عمير من رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له: ما أقدمك يا عمير؟ قال:
قدمت في أسيري عندكم، تفادوننا وتحسنون إلينا فيه فإنكم العشيرة والأهل. قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: فما بال السيف؟ قال: قبّحها الله من سيوف! وهل أغنت من شيء؟
وإنما نسيته حين نزلت وهو في رقبتي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فما شرطت لصفوان بن أمية في الحجر؟ ففزع عمير وقال: ماذا شرطت له؟ قال: تحمّلت له بقتلي على أن يقضي دينك ويعول عيالك، والله حائل بينك وبين ذلك. قال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأنّك صادق، وأشهد أن لا إله إلا الله، كنّا يا رسول الله نكذّبك بالوحي بما يأتيك من السماء، وإنّ هذا الحديث كان شيئا بيني وبين صفوان كما قلت لم يطّلع عليه أحد غيري وغيره، وقد أمرته أن يكتم عليّ أيّاما، فأطلعك الله عليه، فآمنت بالله ورسوله، وشهدت أنّ ما جئت به حق.
قال عمر: والله لخنزير كان أحبّ إليّ منه حين طلع، و [هو] في هذه الساعة أحبّ إليّ من بعض ولدي. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: علّموا أخاكم القرآن وأطلقوا له أسيره. فقال عمير: إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله، وقد هداني الله، فله