للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«٣٧٤» - لمّا حاصر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أهل الطائف، قال عيينة بن حصن لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ائذن لي حتى آتي حصن الطائف فأكلّمهم، فأذن له رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجاءهم فقال: أدنو منكم وأنا آمن؟ قالوا: نعم، وعرفه أبو محجن فقال: ادن. فدخل عليهم الحصن فقال: فداكم أبي وأمي، والله ما لاقى محمد مثلكم، ولقد ملّ المقام، فاثبتوا في حصنكم، فإنّ حصنكم حصين، وسلاحكم كثير، ونبلكم حاضرة، وطعامكم كثير، وماءكم واتن [١] لا تخافون قطعه. فلمّا خرج قالت ثقيف لأبي محجن: فإنّا كرهنا دخوله، وخشينا أن يخبر محمدا بخلل [إن رآه] في حصننا. فقال أبو محجن: أنا كنت أعرف به، ليس منا أحد أشدّ على محمد منه وإن كان معه. فلما رجع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: ما قلت لهم؟ قال: قلت: ادخلوا في الإسلام، فو الله ما يبرح محمد عقر داركم حتى تنزلوا، فخذوا لأنفسكم أمانا، فخذّلتهم ما استطعت.

فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كذبت، قلت لهم كذا وكذا. وعاتبه أبو بكر على ذلك، فقال: أستغفر الله يا أبا بكر، وأتوب إليه، ولا أعود إليه أبدا.

«٣٧٥» - لمّا رجع المشركون من بدر إلى مكّة أقبل عمير بن وهب الجمحيّ في الحجر، فقال صفوان بن أمية: قبّح الله العيش بعد قتلى بدر! قال عمير: أجل والله ما في العيش خير، ولولا دين عليّ لا أجد له قضاء، وعيال لا أدع لهم شيئا، لرحلت إلى محمد حتى أقتله إن ملأت عيني منه، فقد بلغني أنه يطوف في الأسواق، وإنّ لي عندهم علّة، أقول: قدمت على ابني هذا الأسير.

ففرح صفوان بقوله، فقال: يا أبا أميّة، وهل تراك فاعلا؟ قال: إي وربّ هذه البنيّة. قال صفوان: فعليّ دينك، وعيالك أسوة عيالي، فأنت والله تعلم أنه ليس


[١] واتن: ماء كثير لا ينقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>