قلت: ما فعل! قال: بلى قد فعل. ثم أخرج إليّ كتابا من ابنه حنظلة [بن أبي] سفيان: إنّي أخبرك أنّ محمدا قام بالأبطح غدوة فقال: أنا رسول الله، أدعوكم إلى الله. قال قلت: يا أبا حنظلة، لعلّه صادق، قال: مهلا يا أبا الفضل، فو الله ما أحبّ أن تقول مثل هذا، إني لأخشى أن تكون قد كنت على صير من هذا الأمر، ويروى على بصيرة من هذا الحديث. ثم قال: يا بني عبد المطّلب، إنّه والله ما برحت قريش تزعم أن لكم يمنة وشؤمة، كلّ واحدة منهما عامّة، فنشدتك الله يا أبا الفضل، هل سمعت ذلك؟ قلت:
نعم، قال: فهذه والله إذن شؤمتكم، قلت: ولعلّها يمنتنا. فما كان بعد ذلك إلا ليال حتى قدم عبد الله بن حذافة السّهميّ بالخبر وهو مؤمن، ففشا ذلك في مجالس أهل اليمن، فتحدّث به فيها.
وكان أبو سفيان يجلس إلى خبر من أحبار اليهود، فقال له اليهوديّ: ما هذا الخبر الذي بلغني؟ قال: هو ما سمعت، قال: بلغني أنّ فيكم عمّ هذا الرجل، قال أبو سفيان: صدقوا وأنا عمّه، قال اليهودي: أخو أبيه؟ قال:
نعم، قال: حدّثني عنه، قال: ما كنت أحسب أن يدّعي هذا الأمر أبدا، وما أحبّ أن أعتبه، وغيره خير منه. فقال اليهوديّ: فليس به إذن، ولا بأس على يهود وتوراة موسى.
قال العباس: فتمادى إليّ الخبر، فجئت فخرجت حتى أجلس [ذلك] المجلس من غد، وفيه أبو سفيان والحبر. فقلت للحبر: بلغني أنك سألت ابن عمّي هذا عن رجل منّا يزعم أنّه رسول الله، وأخبرك أنّه عمّه، وليس بعمّه، ولكنه ابن عمّه، وأنا عمّه أخو أبيه. فأقبل على أبي سفيان فقال:
أصدق؟ قال: نعم، قال فقلت: سلني عنه، إن كذبت فليردد عليّ. قال:
فأقبل عليّ فقال: نشدتك الله هل فشت له فيكم سفهة أو سوأة؟ قال قلت:
لا وإله عبد المطّلب ولا كذبة، وإن كان اسمه عند قريش الأمين، قال: فهل كتب بيده؟ [قال] العباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه: فظننت أنّه خير له