للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكتب بيده، فأردت أن أقولها، ثم ذكرت مكان أبي سفيان، وأنّه مكذّبي ورادّ علي، فقلت: لا يكتب. فوثب الحبر وترك رداءه وجعل يصيح: ذبحت يهود! ذبحت يهود! قال العباس رضي الله تعالى عنه: فلما رجعنا إلى منزلنا قال أبو سفيان: يا أبا الفضل، إنّ اليهوديّ ليفزع من ابن أخيك! قال قلت: قد رأيت، فهل لك يا أبا سفيان أن تؤمن به، فإن كان حقّا، كنت قد سبقت، وإن كان باطلا، تبعك غيرك من أكفائك؟ قال: لا والله لا أو من به حتى أرى الخيل من كداء، وهو جبل بمكّة. قال قلت: ما تقول؟ قال: كلمة والله جاءت على فمي ما ألقيت لها بالا، [وأنا] أعلم أنّ الله لا يترك خيلا تطلع من كداء. [قال] العباس: فلما فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه مكّة، ونظرنا إلى الخيل قد طلعت من كداء، قلت: يا أبا سفيان، أتذكر الكلمة؟ قال: أي والله، إني لذاكرها، فالحمد لله الذي هداني للإسلام.

«٣٧٨» - وروي عن ابن عباس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم لمّا عزم على فتح مكّة، خرج لعشر مضين من شهر رمضان، فصام وصام الناس معه، حتى إذا كان بالكديد أفطر، ثم مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى نزل مرّ الظّهران في عشرة آلاف من المسلمين، وقد عميت الأخبار عن قريش، فلا يأتيهم خبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا يدرون ما هو فاعل. فخرج في تلك الليلة أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء يتحسّسون [الأخبار] وينظرون هل يجدون خبرا أو يسمعونه.

قال العباس: قلت: واصباح قريش! لئن دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكّة عنوة قبل أن يستأمنوا إليه إنّه لهلاك قريش إلى آخر الدّهر. قال: فركبت بغلة رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>