للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«٧٩٩» - كان لعتبة الأعرابية ابن شديد العرامة كثير التقلب إلى الناس مع ضعف أسر ودقّة عظم. فواثب مرّة فتى من الأعراب فقطع أنفه فأخذت عتبة ديّة أنفه فحسنت حالها بعد فقر. ثم واثب آخر فقطع أذنه فزادت ديّة أذنه في حسن الحال والمال. ثم واثب بعد ذلك آخر فقطع شفته فأخذت ديّة شفته. فلما رأت ما قد صار عندها من الإبل والغنم والمتاع والكسب بجوارح ابنها حسن رأيها فيه، وذكرته في أرجوزة لها تقول فيه: [من الرجز]

أحلف بالمروة يوما والصفا ... أنّك خير من تفاريق العصا

قيل لابن الأعرابيّ: ما تفاريق العصا؟ فقال: العصا تقطع ساجورا [١] وتقطع عصا الساجور فتصير أوتادا، ويفرق الوتد فيصير كل قطعة شظاظا [٢] ، فإن جعلوا رأس الشظاظ كالفلكة كان للبختي مهارا، وهو العود الذي يدخل في أنف البختي، واذا فرّق المهار جاءت منه التوادي [٣] .

«٨٠٠» - وذكر ان أعرابيين طريفين من شياطين الأعراب حطمتهما السّنة فانحدرا إلى العراق، واسم أحدهما حيدان. فبينما هما يتماشيان في السّوق وإذا فارس قد أوطأ دابّته رجل حيدان، فقطع إصبعا من أصابعه، فتعلقا به حتى أخذا منه أرش الإصبع، وكانا جائعين مقرورين، فحين صار [المال] في أيديهما قصدا لبعض الكرابج [٤] فابتاعا من الطعام ما اشتهيا، فلما أكل صاحب حيدان وشبع أنشأ يقول: [من الطويل]


[١] الساجور: خشبة توضع في عنق الكلب.
[٢] الشظاظ: عود يدخل في العروة.
[٣] التوادي: جمع تودية وهي الخشبة التي تصر بها أخلاف الناقة لكيلا يرضعها الفصيل.
[٤] الكرابج: واحدها كربج وهو الحانوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>