(النمل: ٣٦) . وكان المأمون قال لطاهر: أشر عليّ بإنسان يكفيني أمر مصر والشام، فقال له طاهر: قد أصبته، فقال: من هو؟ قال: ابني عبد الله خادمك وعبدك، قال: كيف شجاعته؟ قال: معه ما هو خير من ذلك، قال المأمون: وما هو؟ قال: الحزم، قال: فكيف سخاؤه؟ قال:
معه ما هو خير من ذلك، قال: وما هو؟ قال: التنزه وظلف النفس، فولّاه فعفّ عن إصابة خمسة آلاف ألف دينار.
«٨٧» - وكان الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد من أصحاب الهمم والنبل والرياسة، قال: أنفذ إليّ أبو العبّاس تاش الحاجب رقعة في السرّ بخطّ صاحبه نوح بن منصور صاحب خراسان، يريدني فيها على الانحياز إلى حضرته ليلقي إليّ مقاليد ملكه، ويعتمدني لوزارته، ويحكّمني في ثمرات بلاده، فكان فيما اعتذرت به من تركي امتثال أمره والصّدر عن رأيه ذكر طول ذيلي، وكثرة حاشيتي، وحاجتي لنقل كتبي خاصة إلى أربعمائة جمل، فما الظنّ بما يليق بها من تجمّل؟
وكان يفطر عنده في شهر رمضان كل ليلة ألف نفس، قال عون بن الحسين الهمذاني التميمي: كنت يوما في خزانة الخلع للصاحب فرأيت في ثبت حسبانات كاتبه [١] مبلغ عمائم الخز التي صارت تلك الشتوة في خلع العلويّة والفقهاء والشعراء، سوى ما صار منها في خلع الخدم والحاشية، ثمانمائة وعشرين.