للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجبهة ثطّ اللحية [١] كأنه محراث، ومعه امرأة كالبكرة العيساء [٢] تدير مقلتين نجلاوين كأن هدبها قوادم خطّاف، ثم أبرزت كفا كبياض الإغريض [٣] ، وأنامل كبنات النّقا، فقالت: أيها الحاكم هذا بعلي، فقال شريح للرجل:

أكذاك؟ فكشر بشفتين بثعاوين [٤] عن ثنايا ثعل [٥] كأنها سناسن عير فقال:

نعم، فقال شريح للمرأة: وما قصّتك؟ قالت: إنه ابن عمي، وأنا خولة ابنة مخرمة إحدى نساء بني جرم ابن زبّان، وانه خرج بي وغرّبني عن بلادي وقومي وذوي قرابتي فصرت لا أنظر إلا إليه ولا أعوّل إلا عليه، وهو نهم إذا أكل، فلحس [٦] إذا سأل، حريص مقفل اليدين بالبخل، مطلق اللسان بالخطل، يأكل وحده، ويخلف وعده، ويمنع رفده، ويضرب عبده، فحّاش نجّاش [٧] ، إن سانيت قطّب، وإن راشيت غضب [٨] ، يصون ماله، ويهين عياله، فقال شريح: تالله ما رأيت كاليوم ذمّا أشنع، أحسني ملأ [٩] أيتها الحرة، فإنه بعلك وابن عمك، فجثا الرجل على ركبتيه ثم قال: يا للأفيكة أيها الحاكم: [من البسيط]

سائل سراة بني جرم فانهم ... قد ينبئونك بالجالي من الخبر

هل أترك البكرة الكوماء كائسة [١٠] ... إذا تلاعبت النكباء بالخطر

للجار والضيف والمعترّ قد علموا ... في ليلة تتبع الشفّان بالخصر [١١]


[١] الجيدر: القصير؛ الصعل: الدقيق الصغير؛ ثط: قليل شعر اللحية.
[٢] العيساء: البيضاء في شقرة.
[٣] الاغريض: الطلع.
[٤] بثعت الشفة: غلظ لحمها وظهر دمها.
[٥] ثعل: متداخلة، نبت واحدها تحت الآخر.
[٦] الفلحس: الملح في السؤال.
[٧] نجاش: وقاع في الناس.
[٨] سانى: راضى ودارى؛ راشى: لاين.
[٩] الملأ: الخلق والعشرة: وفي م: كلامك.
[١٠] البكرة: الناقة الفتية؛ الكوماء: الضخمة السنام؛ كائسة: عقيرة.
[١١] الشفان: الريح الباردة؛ الخصر: البرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>