ما زال يأتي الأمر من أقطاره ... على اليمين وعلى يساره
مشمرا لا يصطلى بناره ... حتى أقرّ الملك في قراره
وفرّ مروان على حماره
فقال: ويلك هات ما دعوتك له وأمرتك بانشاده ولا تنشد شيئا غيره فأنشدته: «وقاتم الأعماق» فلما وصلت إلى قولي:
ترمي الجلاميد بجلمود مدقّ
قال: قاتلك الله لشدّ ما استصلبت الحافر، ثم قال: حسبك أنا ذلك الجلمود المدق. قال: وجيء بمنديل فيه مال فوضع بين يديّ، فقال أبو مسلم: يا رؤبة إنك أتيتنا والأموال مشفوفة (يقال: اشتفّ ما في الاناء وشفّه إذا أتى عليه) وإنّ لك إلينا لعودة وعلينا معوّلا والدهر أطرق مستتب، فلا تجعل بيننا وبينك الأسدّة؛ قال رؤبة: فأخذت المنديل منه، وتالله ما رأيت أعجميا أفصح منه، وما ظننت أنّ أحدا يعرف هذا الكلام غيري وغير أبي.
«١٥٩» - قال أبو الفرج الأصفهاني: حضرت أبا عبد الله الباقطائي وهو يتقلّد ديوان المشرق وقد تقلد ابن أبي السلاسل ماسبذان ومهر جانقذق وجاءه ليأخذ كتبه، فجعل يوصيه كما يوصي أصحاب الدواوين والعمال، فقال ابن أبي السلاسل: كأنك قد استكثرت لي هذا العمل؛ أنت أيضا قد كنت