للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكتب لأبي العبّاس ابن ثوابة ثم صرت صاحب ديوان. فقال له الباقطائي: يا جاهل يا مجنون لولا أنه قبيح بمثلي مكافأة مثلك لراجعت الوزير- أيده الله- في أمرك حتى أزيل يدك، ومن لي بأن أجد مثل ابن ثوابة في هذا الزمان فأكتب له ولا أريد الرياسة، ثم أقبل علينا يحدثنا فقال: دخلت مع أبي العبّاس ابن ثوابة إلى المهتدي وكان سليمان بن وهب وزيره، وكان يدخل إليه الوزير وأصحاب الدواوين والعمال والكتاب فيعملون بحضرته ويوقّع إليهم في الأمور. فأمر سليمان بأن يكتب عنه عشرة كتب مختلفة إلى جماعة من العمال، فأخذ سليمان بيد أبي العبّاس ابن ثوابة ثم قال له: أنت اليوم أحدّ ذهنا مني فهلمّ نتعاون، ودخلا بيتا ودخلت معهما، وأخذ سليمان خمسة أنصاف وأبو العبّاس خمسة أخر [١] ، فكتبا الكتب التي أمر بها، ما احتاج أحدهما إلى نسخة، وقرأ كلّ واحد منهما ما كتب به صاحبه فاستحسنه، ثم وضع سليمان الكتب بين يدي المهتدي فقال له وقد قرأها: أحسنت يا سليمان، نعم الرجل أنت لولا المعجّل والمعدّل- وكان سليمان إذا ولّى عاملا أخذ منه ما لا معجّلا وعدّل له مالا إلى أن يتسلّم عمله [٢]- فقال له: يا أمير المؤمنين هذا قول لا يخلو أن [٣] يكون حقا أو باطلا، فإن كان باطلا فليس مثلك قبله، وإن كان حقا وقد علمت أنّ الأصول محفوظة فما يضرّك من مساهمتي عمالي على بعض ما يصل إليهم من مرفق لا يجحف بالرعية ولا ينقص الأصول؟ فقال له: إذا كان هذا هكذا فلا بأس، ثم قال له: اكتب إلى فلان العامل بقبض ضيعة فلان العامل المصروف المعتقل في يديه بباقي ما عليه من المصادرة، فقال له أبو العبّاس ابن ثوابة: كلنا يا أمير المؤمنين خدمك وأولياؤك، وكلّنا حاطب في حبلك وساع فيما أرضاك وأيّد ملكك، أفنمضي ما تأمر به على ما خيّلت أم


[١] م: خمسة أنصاف أخر.
[٢] وكان سليمان ... عمله: سقط من م.
[٣] م: إما أن.

<<  <  ج: ص:  >  >>