«١٧٩» - وروي أن بدويا قدم البصرة فقال لخالد بن صفوان: أخبرني عن سيد هذا المصر، قال: هو الحسن بن أبي الحسن، قال: عربيّ أم مولى؟ قال: مولى، قال: وبم سادهم؟ قال: احتاجوا إليه في دينهم واستغنى عن دنياهم، قال البدوي: كفى بهذا سؤددا.
١٨٠- ولما وقعت الفتنة بالبصرة رضوا بالحسن فاجتمعوا عليه وبعثوا إليه، فلما أقبل قاموا، فقال يزيد بن المهلب: كاد العلماء يكونون أربابا، أما ترون هذا المولى كيف قام له سادة العرب؟! «١٨١» - وجّه الرشيد إلى مالك بن أنس ليأتيه فيحدثه، فقال مالك: إن العلم يؤتى، فصار الرشيد إلى منزله فاستند معه إلى الجدار فقال: يا أمير المؤمنين من إجلال الله إجلال العلم، فقام وجلس بين يديه. وبعث إلى سفيان ابن عيينة فأتاه وقعد بين يديه وحدّثه، فقال الرشيد بعد ذاك: يا مالك تواضعنا لعلمك فانتفعنا به، وتواضع لنا علم سفيان فلم ننتفع به.
١٨٢- وأراد أن يسمع منه الموطأ مع ابنيه فاستخلى المجلس، فقال مالك: إن العلم إذا منع منه العامة لم ينتفع به الخاصّة، فأذن للناس فدخلوا.
«١٨٣» - وكان مالك يكرم العلم ويعظّمه، فإذا أراد أن يتحدث توضّأ وسرّح لحيته وجلس في صدر مجلسه بوقار وهيبة. ودخل عليه ليلة بعد ما أوى إلى فراشه قريبه إسماعيل بن أويس ليحدثه، فقام فتوضّأ وفعل نحو ذلك فحدّثه ثم نزع ثيابه وعاد إلى فراشه.