للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالكلام، قلت: من السفلة؟ قال: الظلمة.

«١٨٩» - دخل أبو العالية على ابن عبّاس فأقعده معه على السرير وأقعد رجالا من قريش تحته، فرأى سوء نظرهم إليه وحموضة وجوههم، فقال:

ما لكم تنظرون إليّ نظر الشحيح إلى الغريم المفلس؟ هكذا الأدب يشرّف الصغير على الكبير، ويرفع المملوك على المولى، ويقعد العبيد على الأسرّة.

«١٩٠» - مر الحسن بأبي عمرو بن العلاء وحلقته متوافرة، والناس عليه عكوف فقال: من هذا؟ قالوا: أبو عمرو، قال: لا إله إلا الله كاد العلماء يكونون أربابا.

«١٩١» - قال الفضيل [١] : لو أن أهل العلم أكرموا أنفسهم وشحوا على دينهم وأعزّوا هذا العلم وصانوه وأنزلوه حيث أنزله الله إذن لخضعت لهم رقاب الجبابرة وانقاد لهم الناس فكانوا لهم تبعا، ولكنهم ابتذلوا أنفسهم، وبذلوا علمهم لأبناء الدنيا فهانوا وذلوا، ووجدوا لغامز فيهم مغمزا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، أعظم بها مصيبة.

نظر إلى هذا المعنى القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني فقال:

[من الطويل]

ولم أقض حقّ العلم إن كنت كلّما ... بدا طمع صيرته لي سلّما

ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لكن لأخدما

أأغرسه عزا وأجنيه ذلة ... إذا فاتباع الجهل قد كان أسلما


[١] م: الفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>