للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوموا بنا ننصرف، فقال لهما الفيض: كأننا إنما جئنا لنؤكد حبس الرجل، قالا له: فما نصنع؟ قال: نؤدي المال عنه؛ ثم أخذ الدواة وكتب إلى وكيله في حمل المال عن الرجل ودفع الكتاب إلى داود وقال: قد أزحنا علّتك في المال فادفع إلينا صاحبنا، قال: لا سبيل إلى ذلك حتى أعرّفها الخبر، فكتب إليها فوقعت في رقعته: أنا أولى بهذه المكرمة من الفيض، فاردد عليه كتابه بالمال، وادفع إليه الرجل، وقل له: لا يعاود مثل ما كان منه. قال: ولم يكن الفيض يعرف الرجل وإنما أراد مساعدة صاحبيه في حقّه.

«٢٢٤» - وحكي أنّ الفيض بن أبي صالح وأحمد بن الجنيد وجماعة من العمال والكتّاب خرجوا من دار الخليفة منصرفين إلى منازلهم في يوم وحل، فتقدم الفيض وتلاه أحمد فنضح دابة الفيض على ثياب أحمد من الوحل، فقال أحمد للفيض: هذه والله مسايرة بغيضة، لا أدري بأي حقّ وجب لك التقدم علينا، فلم يجبه الفيض عن ذلك بشيء ووجه إليه عند منصرفه إلى منزله بمائة تخت في كلّ تخت قميص ومبطّنة وسراويل وطيلسان ومع كلّ واحد عمامة أو شاشية، وقال لرسوله: قل له أوجب التقدم لنا عليك أنّ لنا مثل هذا نوجّه به إليك عوضا مما أفسدناه من ثيابك، فإن كان لك مثله فلك التقدم علينا، وإلا فنحن أحقّ بالتقدم منك.

٢٢٥- حدث أبو الهيثم الرحبي من حمير قال: كان رجل من ذي مناخ، وهم بطن من ذي كلاع، يقال له جميم [١] بن معدي كرب، جوادا فأشفى جوده على ماله، فتدارأت بطون من ذي الكلاع في أمواه لهم، وكانت بينهم دماء، ثم تداعوا إلى الصلح وتعاقل الدماء وأن يبيئوا الدم بالدم، ويؤدّوا ما فضل، ففضلت إحدى الطائفتين بسبع ديات فحملها جميم، فسعى في


[١] م: حميم.

<<  <  ج: ص:  >  >>