وإذا الشيخ قد أقبل ومعه عبدان يحملان جفّنتين، فقلت: والله ما بي إلى الطعام من حاجة، فقال: لا بدّ منه، فلما فرغنا من غدائنا قال: هات الآن خبرك، فأخبرته، فقال لبعض عبيده: أوف ذلك النّدّ فألمع بنيّ [١] ، فكلا ولا ما كان إذا عجاجة مستطيرة وإذا عشرون فارسا تنكدر بهم خيولهم وقفوا عليه، فأمرهم بالنزول فنزلوا واقتصّ عليهم قصتي، وقال: ما عندكم لابن عمكم؟
قالوا: مرنا بأمرك فقال: خمس ديات يؤديها وثنتان شروى ما رزئه، فو الله ما أمسيت حتى أنيخت بفنائه، ورجع بنوه، وبتّ بأنعم مبيت، فلما أصبح قال لعبيده: عليّ عشرة يوردون هذا الابل بلاد هذا الرجل، ثم هم له إن شاء أعتق وإن شاء أرقّ، فانتدب له عشرة كالذئاب فوقفوا بين يديه، فقال لعبد آخر: هلمّ ما قبلك، فما راث أن جاء بمائة كالهضاب قال: وهذه لك من لدنّي، وارحل راشدا إلى أرض قومك، فقلت له: يا ابن عمّ إنه للؤم أن تقلّدني مثل هذه المنّة ولا أعرف لك اسما ولا نسبا قال: أنا محمية ابن الأدرع أحد بني هزّان.
«٢٢٦» - كان يزيد بن مفرغ الحميريّ منفاقا كثير الدين وقدّمه غرماؤه إلى زياد مرات كثيرة فضجر وقال لغرمائه: بيعوه فقد نهيته أن يستدين فأبى، فأقاموه فنادوا عليه، فجعل الرجل يمرّ به فيؤدي عنه الألف والخمسمائة وأكثر وأقلّ، فمر به عبيد الله بن أبي بكرة فقال: مالك؟ فقال: أمر الأمير أن أباع في دين علي، قال: وكم دينك؟ قال: ثمانون ألفا، قال: هي عليّ، فقال يزيد بن مفرغ:[من السريع]
[١] أوف: إبت، وأشرف على؛ الند: التلّ الذاهب في السماء؛ ألمع: أشر؛ يريده أن يصعد على التلّ ويدعو أبناءه.