للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له داود: فرغت من كلامك؟ قال: نعم، قال: أما لو كان خيرا ما سبقتني إليه.

«٢٧٥» - وكان أبو جعفر المنصور شديد السطوة سريع الانتقام، وعدّت له فعلة كريمة في العفو، روي أنه خطب فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأومن به وأتوكّل عليه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، واعترضه معترض عن يمينه فقال: أيها الإنسان، أذكّرك من ذكّرت به، فقطع الخطبة وقال:

سمعا سمعا لمن حفظ الله وذكّر به، وأعوذ بالله أن أكون جبّارا عنيدا، وأن تأخذني العزة بالاثم، قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين؛ وأنت أيها القائل فو الله ما الله أردت بها، ولكنك حاولت أن يقال: قام فقال فعوقب فصبر، وأهون بها ويلك لو هممت، وأهيب لها إذ عفوت، وإياكم معشر الناس مثلها، فإن الحكمة علينا نزلت، ومن عندنا فصلت، فردّوا الأمر إلى أهله يوردوه موارده ويصدروه مصادره، ثم عاد في خطبته كأنما يقرأها من كفّه:

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

«٢٧٦» - جرى بين أبي مسلم صاحب الدعوة وبين شهرام المروزي كلام، فسبّه شهرام، فحلم عنه أبو مسلم وقال: لسان سبق ووهم أخطأ، والغضب غول الحلم، وأنا قسيمك في الذنب حين جرّأتك بالحلم والاحتمال، فأشفق شهرام فاعتذر وأطنب، فقال أبو مسلم: قد صفحت عنك فليفرخ روعك، فقال شهرام: إن ذنبي يأبى أن يقارّ قلبي السكون، فقال أبو مسلم: إن العجب أن تسيء وأحسن، ثم تحسن وأسيء، فقال: الآن وثقت بعفوك.

<<  <  ج: ص:  >  >>