للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«٢٧٧» - قالت خالدة بنت هاشم بن عبد مناف لأخ لها، وقد سمعته يتجهم [١] صديقا له: أي أخي، لا تطلع من الكلام إلا ما قد روّيت [٢] فيه قبل ذلك ومن أجبته بالحلم وداويته بالرفق فإن ذلك أشبه بك، فسمعها أبوها هاشم فقام إليها فاعتنقها وقبلها وقال: واها لك يا قبّة الديباج، فلقبت بذلك.

«٢٧٨» - وممن أوتي الحلم طبعا لا تحلّما، ومنح كرم الأخلاق لا تكرما المأمون، كان يقول: لقد حبّب إليّ العفو حتى أظنّ أني لا أثاب عليه. عفا عمن نازعه رداء الملك، كما عفا عمن نازعه درة الكأس، فعفوه عن إبراهيم ابن المهدي بعد أن بويع بالخلافة مشهور، وكذاك عفا عن الفضل بن الربيع وهو الذي جلب الحرب بينه وبين أخيه الأمين، وعفا عن الحسين بن الضحاك وقد أمعن في هجائه ممايلة لأخيه، وبالغ في الإشادة بتقبيح ذكره.

«٢٧٩» - قال عمرو بن بانة: كنت عند صالح بن الرشيد، فقال لي:

لست تطرح على جواريّ وغلماني من الغناء ما أستجيده، فبعثت إلى منزلي فجئته بدفاتر الغناء ليختار منها ما يرضيه، فأخذ دفترا منها فتصفحه فمرّ به شعر للحسين ابن الضحاك يرثي الأمين ويهجو المأمون وهو: [من الطويل]

أطل جزعا وابك الامام محمدا ... بحزن وإن خفت الحسام المهندا

فلا تمّت الأشياء بعد محمد ... ولا زال شمل الملك عنه مبدّدا

ولا فرح المأمون بالملك بعده ... ولا زال في الدنيا طريدا مشردا


[١] م: يتهجم.
[٢] م ر: روأت.

<<  <  ج: ص:  >  >>