للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسكت ألا تغرق وتسرف، فقال: أيها الأمير قد عفوت، فاجعله العفو الذي لا يخلطه تثريب، ولا يكدّر صفوه تأنيب، قال: قد فعلت، فقم بنا ندخل إلى منزلك حتى نوجب عليك حقا بالضيافة، فقام مسرورا فأدخلنا منزله فأتى بالطعام كأنه قد أعده، فأكلنا وجلسنا نشرب في مستشرف له، وأقبل الجيش فأمرني عبد الله أن أتلقاهم فأرحّلهم، ولا ينزل منهم أحد إلا في المنزل، وهو على ثلاثة فراسخ، فنزلت فرحلتهم، وأقام عنده إلى العصر، ثم دعا بدواة فكتب له بتسويغه خراجه ثلاث سنين، وقال له: إن نشطت لنا فالحق بنا وإلا فأقم بمكانك، فقال: أنا أتجهز والحق بالأمير، ففعل ولحق بنا مصر فلم يزل مع عبد الله لا يفارقه حتى رحل إلى العراق، فودّعه وأقام ببلده.

«٢٨٧» - كان عبد الله بن الزبير قد هجا آل الزّبير، وأفرط في العصبية لآل مروان فمن قوله: [من الطويل]

ففي رجب أو غرّة الشهر بعده ... تزوركم [١] حمر المنايا وسودها

ثمانون ألفا دين عثمان دينهم [٢] ... كتائب فيها جبرئيل يقودها

فمن عاش منكم عاش عبدا ومن يمت ... ففي النار سقياه هناك صديدها

فلما ولي مصعب العراق أدخل إليه عبد الله بن الزّبير، فقال له: إيه يا ابن الزّبير أنت القائل: إلى رجب السبعين أو ذلك قبله، وذلك الشعر، فقال: نعم أنا القائل ذلك [٣] ، وإنّ الحقين ليأبى العذرة، ولو قدرت على


[١] الأغاني: إلى رجب السبعين أو ذاك قبله تصبحكم.
[٢] الأغاني: ثمانون ألفا نصر مروان دينهم.
[٣] م: لذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>