للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٠٩]- وقال: شتّان بين عملين: عمل تذهب لذته وتبقى تبعته، وعمل تذهب مؤونته ويبقى أجره.

[١١٠]- وقال عليه السلام وقد سمع رجلا يذمّ الدنيا: أيها الذامّ للدنيا المغتر بغرورها، بم تذمّها؟ أنت المتجرّم عليها أم هي المتجرّمة عليك؟ متى استهوتك أم متى غرّتك؟ أبمصارع آبائك من البلى، أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى؟ كم علّلت بكفيك، وكم مرّضت بيديك، تبغي لهم الشفاء، وتستوصف لهم الأطباء «١» ، لم ينفع أحدهم إشفاقك، ولم تسعف فيه بطلبتك، ولم تدفع عنه بقوتك، قد مثّلت لك به الدنيا نفسك، وبمصرعه مصرعك.

إن الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار عافية «٢» لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزوّد منها، ودار موعظة لمن اتّعظ بها: مسجد أحبّاء الله، ومصلّى ملائكته، ومهبط وحي الله، ومتجر أولياء الله، اكتسبوا فيها الرحمة، وتربحوا «٣» فيها الجنة؛ فمن ذا يذمّها وقد آذنت ببينها، ونادت بفراقها، ونعت نفسها وأهلها، فمثّلت لهم ببلائها البلاء، وشوقتهم بسرورها إلى السرور؟ راحت بعافية، وابتكرت بفجيعة، ترغيبا وترهيبا، وتخويفا وتحذيرا، فذمّها رجال غداة الندامة وحمدها آخرون، ذكّرتهم فذكروا، وحدّثتهم فصدقوا، ووعظتهم فاتعظوا.


[١٠٩] نهج البلاغة: ٤٩٠، ومجموعة ورام ١: ٢٢، وربيع الأبرار: ٢٩٨/أونسب في الامتاع والمؤانسة ٢: ١٢٢ لبعض السلف.
[١١٠] نهج البلاغة: ٤٩٢- ٤٩٣، وبعضه في محاضرات الراغب ٢: ٣٩١، ومروج الذهب ٣:
١٧٢- ١٧٣، ومحاضرات الأبرار ١: ٣١٥- ٣١٦، والبيان والتبيين ٢: ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>