للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمي ما أمسى عندنا ماء ولكن هذه برمة وشاة وقربة فردوا الماء ثم كلوا شاتكم ودعوا برمتنا وقربتنا على الماء حتى نأخذهما، فقالوا: لا والله ما نحن بسارين في ليلتنا هذه وما نحن ببارحين حيث أمسينا. فلما رأى ذلك أبو خراش أخذ قربته وسعى نحو الماء تحت الليل حتى استقى، ثم أقبل صادرا فنهشته حيّة. فأقبل مسرعا حتى أعطاهم الماء، وقال: اطبخوا شاتكم وكلوا، ولم يعلمهم ما أصابه، فباتوا على شاتهم يأكلون حتى أصبحوا، وأصبح أبو خراش في الموت، فلم يبرحوا حتى دفنوه، فبلغ خبره عمر بن الخطاب فغضب غضبا شديدا وقال: لولا أن تكون سنّة لأمرت أن لا يضاف يمان أبدا، ولكتبت بذلك إلى الآفاق، إنّ الرجل ليضيف أحدهم فيبذل له مجهوده فيتسخطّه ولا يقبله منه ويطالبه بما لا يقدر عليه، كأنه يطالبه بدين، أو يتعنّته ليفضحه فهو يكلّفه التكاليف حتى أهلك ذلك من فعلهم رجلا مسلما وقتله، ثم كتب إلى عامله أن يأخذ النفر الذين نزلوا بأبي خراش فيغرّمهم ديته ويؤدّبهم بعد ذلك بعقوبة يمسّهم بها جزاء لفعلهم.

«٥١٧» - قال أعرابيّ: أسوأ ما في الكريم أن يكفّ عنك خيره [١] ، وخير ما في اللئيم أن يكفّ عنك شرّه [٢] .

«٥١٨» - قال عبد الملك بن مروان: يا بني أمية ابذلوا نداكم، وكفّوا أذاكم، واعفوا إذا قدرتم، ولا تبخلوا إذا سئلتم، فإن خير المال ما أفاء حمدا


[١] ربيع: جداه.
[٢] ربيع: أذاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>